صفحة جزء
645 - مسألة :

لا يضم قمح إلى شعير ، ولا تمر إليهما .

وهو قول سفيان الثوري ومحمد بن الحسن ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وأصحابنا .

وقال الليث بن سعد ، وأبو يوسف : يضم كل ما أخرجت الأرض : من القمح ، والشعير والأرز ، والذرة ، والدخن ، وجميع القطاني ، بعض ذلك إلى بعض ، فإذا اجتمع من كل ذلك خمسة أوسق ففيه الزكاة كما ذكرنا ، وإلا فلا ؟ وقال مالك : القمح ، والشعير ، والسلت : صنف واحد ، يضم بعضها إلى بعض في الزكاة ، فإذا اجتمع من جميعها خمسة أوسق ففيها الزكاة ، وإلا فلا ; ويجمع الحمص ، والفول ، واللوبيا ، والعدس ، والجلبان والبسيلة ، بعضها إلى بعض .

ولا يضم إلى القمح ، ولا إلى الشعير ولا إلى السلت .

قال : وأما الأرز ، والذرة ، والسمسم ، فهي أصناف مختلفة ، لا يضم كل واحد منها إلي شيء أصلا ؟ واختلف قوله في العلس ، فمرة قال : يضم إلى القمح ، والشعير ; ومرة قال : لا يضم إلى شيء أصلا ورأى القطاني في البيوع أصنافا مختلفة ، حاشا اللوبيا ، والحمص ; فإنه رآهما في البيوع صنفا واحدا [ ص: 60 ] قال أبو محمد : أما قول مالك ; فظاهر الخطأ جملة ، لا يحتاج من إبطاله إلى أكثر من إيراده وما نعلم أحدا على ظهر الأرض قسم هذا التقسيم ، ولا جمع هذا الجمع ، ولا فرق هذا التفريق قبله ولا معه ولا بعده ، إلا من قلده ، وما له متعلق ، لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ، ولا من رواية فاسدة ، ولا من قول صاحب ولا تابع ، ولا من قياس ولا من رأي يعرف له وجه ، ولا من احتياط أصلا وأما من رأى جمع البر وغيره في الزكاة فيمكن أن يتعلقوا بعموم قوله عليه السلام : { ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة } .

قال أبو محمد : ولو لم يأت إلا هذا الخبر لكان هذا هو القول الذي لا يجوز غيره .

لكن قد خصه ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا إسماعيل بن مسعود هو الجحدري - ثنا يزيد بن زريع ثنا روح بن القاسم حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يحل في البر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق ، ولا يحل في الورق زكاة حتى يبلغ خمس أواقي ولا يحل في الإبل زكاة حتى تبلغ خمس ذود } .

فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة عما لم يبلغ خمسة أوسق من البر ، فبطل بهذا إيجاب الزكاة فيه على كل حال ; مجموعا إلى شعير أو غير مجموع .

قال أبو محمد : وكلهم متفق على أن لا يجمع التمر إلى الزبيب ، وما نسبة أحدهما من الآخر إلا كنسبة البر من الشعير ; فلا النص اتبعوا ، ولا القياس طردوا ، ولا خلاف بين كل من يرى الزكاة في الخمسة الأوسق فصاعدا - لا في أقل - في أنه لا يجمع التمر إلى البر ، ولا إلى الشعير ؟ .

646 - مسألة : وأما أصناف القمح فيضم بعضها إلى بعض ; وكذلك تضم أصناف الشعير بعضها إلى بعض ; وكذلك أصناف التمر بعضها إلى بعض العجوة ، والبرني ، والصيحاني وسائر أصنافه . [ ص: 61 ]

وهذا لا خلاف فيه من أحد ; لأن اسم بر يجمع أصناف البر ; واسم تمر يجمع أصناف التمر ; واسم شعير يجمع أصناف الشعير - وبالله تعالى التوفيق .

647 - مسألة :

ومن كانت له أرضون شتى في قرية واحدة ; أو في قرى شتى في عمل مدينة واحدة أو في أعمال شتى - ولو أن إحدى أرضيه في أقصى الصين ، والأخرى إلى أقصى الأندلس - : فإنه يضم كل قمح أصاب في جميعها بعضها إلى بعض ; وكل شعير أصابه في جميعها بعضه إلى بعض ، فيزكيه ; لأنه مخاطب بالزكاة في ذاته ، مرتبة بنص القرآن والسنن في ذمته وماله ، دون أن يخص الله تعالى ; أو رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك ما كان في طسوج واحدا ، أو رستاق واحد - : مما في طسوجين ، أو رستاقين ; وتخصيص القرآن والسنة بالآراء الفاسدة : باطل مقطوع به - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية