672 - مسألة :
وما صغر عن أن يسمى : شاة ، لكن يسمى خروفا ، أو جديا ، أو سخلة : لم يجز أن يؤخذ في الصدقة الواجبة ، ولا أن يعد فيما تؤخذ منه الصدقة ، إلا أن يتم سنة ; فإذا أتمها عد ، وأخذت الزكاة منه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا مكان اختلف الناس فيه .
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : تضم الفوائد كلها من الذهب ، والفضة ، والمواشي ، إلى ما عند صاحب المال فتزكى مع ما كان عنده ، ولو لم يفدها إلا قبل تمام الحول بساعة .
هذا إذا كان الذي عنده تجب في مقدار ما معه الزكاة ، وإلا فلا ، وإنما يراعى في ذلك أن يكون عنده نصاب في أول الحول وآخره ، ولا يبالي أنقص في داخل الحول عن النصاب أم لا ؟ قال : فإن ماتت التي كانت عنده كلها وبقي من عدد الخرفان أكثر من أربعين : فلا زكاة فيها ؟ وكذلك لو ملك ثلاثين عجلا فصاعدا ، أو خمسا من الفصلان فصاعدا ، عاما كاملا دون أن يكون فيها مسنة واحدة فما فوقها - : فلا زكاة عليه فيها ؟
[ ص: 83 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا تضم فوائد الذهب ، والفضة ، إلى ما عند المسلم منها ; بل يزكى كل مال بحوله ، حاشا ربح المال وفوائد المواشي كلها ; فإنها تضم إلى ما عنده ويزكى الجميع بحول ما كان عنده ، ولو لم يفدها إلا قبل الحول بساعة ، إلا أنه فرق بين فائدة الذهب ، والفضة ، والماشية ، من غير الولادة ، فلم ير أن يضم إلى ما عند المرء من ذلك كله إلا إذا كان الذي عنده منها مقدارا تجب في مثله الزكاة وإلا فلا .
ورأى أن تضم ولادة الماشية خاصة إلى ما عنده منها ، سواء كان الذي عنده منها تجب في مقداره الزكاة أو لا تجب في مقداره الزكاة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا تضم فائدة أصلا إلى ما عنده ، إلا أولاد الماشية فقط ، فإنها تعد مع أمهاتها ، ولو لم يتم العدد المأخوذ منه الزكاة بها إلا قبل الحول بساعة ، هذا إذا كانت الأمهات نصابا تجب فيه الزكاة وإلا فلا ، فإن
نقصت في بعض الحول عن النصاب : فلا زكاة فيها ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما تناقض
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وتقسيمهما فلا خفاء به ، لأنهما قسما تقسيما لا برهان على صحته .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فله هاهنا أيضا تناقض أشنع من تناقض
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وهو أنه رأى أن يراعى أول الحول وآخره دون وسط ، ورأى أن
تعد أولاد الماشية مع أمهاتها ولو لم تضعها إلا قبل مجيء الساعي بساعة ، ثم رأى في أربعين خروفا صغارا ومعها شاة واحدة مسنة أن فيها الزكاة ، وهي تلك المسنة فقط ; فإن لم يكن معها مسنة فلا زكاة فيها ، فإن كانت معه مائة خروف وعشرون خروفا صغارا كلها ومعها مسنة واحدة .
قال : إن كان فيها مسنتان فصدقتها تانك المسنتان معا ، وإن كان ليس معهما إلا مسنة واحدة فليس فيها إلا تلك المسنة وحدها فقط ، فإن لم يكن معها مسنة فليس فيها شيء أصلا .
وهكذا قال في العجاجيل والفصلان أيضا ، ولو ملكها سنة فأكثر
[ ص: 84 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذه شريعة إبليس لا شريعة الله تعالى ورسوله
محمد صلى الله عليه وسلم نعني قوله : إن كان مع المائة خروف والعشرون خروفا : مسنتان زائدتان أخذتا عن زكاة الخرفان كلتاهما ، فإن لم يكن معها إلا مسنة واحدة : أخذت وحدها عن زكاة الخرفان ولا مزيد وما جاء بهذا قط قرآن ولا سنة صحيحة ولا رواية سقيمة ، ولا قول أحد من الصحابة ولا من التابعين ، ولا أحد نعلمه قبل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ولا قياس ولا رأي سديد .
وقد روي عنه أنه قال مرة في أربعين خروفا : يؤخذ عن زكاتها شاة مسنة ، وبه يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ، ثم رجع إلى أن قال : بل يؤخذ عن زكاتها خروف منها ; وبه يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ; ثم رجع إلى أن قال : لا زكاة فيها ; وبه يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كقول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ، وقال
الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وقال
الشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان كقول
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : احتج من رأى أن تعد الخرفان مع أمهاتها بما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
بشر بن عاصم بن سفيان بن عبد الله الثقفي عن أبيه عن جده : أنه كان مصدقا في مخاليف
الطائف ، فشكا إليه أهل الماشية تصديق الغذاء ، وقالوا : إن كنت معتدا بالغذاء فخذ منه صدقته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : فقل لهم : إنا نعتد بالغذاء كلها حتى السخلة يروح بها الراعي على يده ; وقل لهم : إني لا آخذ الشاة الأكولة ; ولا فحل الغنم ، ولا الربى ، ولا الماخض ; ولكني آخذ العناق ، والجذعة ، والثنية : وذلك عدل بين غذاء المال ، وخياره .
وروينا هذا أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
ثور بن زيد عن
ابن عبد الله بن سفيان ومن طريق
أيوب عن
عكرمة بن خالد عن
سفيان .
ما نعلم لهم حجة غير هذا ؟
[ ص: 85 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لوجوه :
أولها - أنه ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجة في قول أحد دونه .
والثاني -
أنه قد خالف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في هذا غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنا
حمام ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ثنا
الدبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
محمد بن عقبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق : أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق كان لا يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول - : حدثنا
محمد بن سعيد بن نبات ثنا
عبد الله بن نصر ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ثنا
محمد بن وضاح ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17180موسى بن معاوية ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
حارثة بن أبي الرجال عن
عمرة بنت عبد الرحمن عن
عائشة أم المؤمنين قالت : لا يزكى حتى يحول عليه الحول : تعني المال المستفاد - : وبه إلى
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي عن
عاصم بن ضمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال :
من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول .
وبه إلى
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول .
فهذا عموم من
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله عنهم ، لم يخصوا فائدة ماشية بولادة من سائر ما يستفاد ; وليس لأحد أن يقول إنهم لم يريدوا بذلك أولاد الماشية إلا كان كاذبا عليهم ، وقائلا بالباطل الذي لم يقولوه قط ؟ وأيضا - فإن الذين حكى عنهم
سفيان بن عبد الله أنهم أنكروا أن يعد عليهم أولاد الماشية مع أمهاتها - : قد كان فيهم بلا شك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن
سفيان ذكر أن ذلك كان أيام
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ولي الأمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف ، وبقي عشر سنين ، ومات بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة ، وكانوا
بالطائف ، وأهل
الطائف أسلموا قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو عام ونصف ورأوه عليه
[ ص: 86 ] فقد صح الخلاف في هذا من الصحابة رضي الله عنهم بلا شك ، وإذا كان ذلك فليس قول بعضهم أولى من قول بعض ; والواجب في ذلك ما افترضه الله تعالى إذ يقول : {
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } .
والثالث - أنه لم يرو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من طريق متصلة إلا من طريقين :
إحداهما : من طريق
بشر بن عاصم بن سفيان عن أبيه ، وكلاهما غير معروف أو من طريق ابن
لعبد الله بن سفيان لم يسم .
والثانية -
من طريق
عكرمة بن خالد ، وهو ضعيف .
والرابع -
أن الحنفيين ، والشافعيين : خالفوا قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في هذه المسألة نفسها ، فقالوا : لا يعتد بما ولدت الماشية إلا أن تكون الأمهات - دون الأولاد - عددا تجب فيه الزكاة وإلا فلا تعد عليهم الأولاد ، وليس هذا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
والخامس - أنهم لا يلتفتون ما قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بأصح من هذا الإسناد ، أشياء لا يعرف له فيها مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، إذا خالف رأي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - : كترك الحنفيين ، والشافعيين قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : الماء لا ينجسه شيء .
وترك الحنفيين ، والمالكيين ، والشافعيين : أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الزكاة من الرقيق لغير التجارة ، وصفة أخذه
الزكاة من الخيل .
وترك الحنفيين إيجاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الزكاة في مال اليتيم ، ولا يصح خلافه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم .
وترك الحنفيين ، والمالكيين : أمر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الخارص بأن يترك لأصحاب النخل ما
[ ص: 87 ] يأكلونه لا يخرصه عليهم ، وغير هذا كثير جدا ؟ فقد وضح أن احتجاجهم
nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر إنما هو حيث وافق شهواتهم لا حيث صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من قول أو عمل وهذا عظيم في الدين جدا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : المرجوع إليه عند التنازع هو القرآن ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرنا في ذلك فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الزكاة في أربعين شاة فصاعدا كما وصفنا ، وأوجب فيها شاة أو شاتين أو في كل مائة شاة شاة ، وأسقطها عما عدا ذلك .
ووجدنا الخرفان والجديان لا يقع عليها اسم شاة ولا اسم شاء في اللغة التي أوجب الله تعالى علينا بها دينه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فخرجت الخرفان ، والجديان عن أن تجب فيها زكاة .
وأيضا - فقد أجمعوا على أن لا يؤخذ خروف ولا جدي في الواجب في الزكاة عن الشاء فأقروا بأنه لا يسمى شاة ولا له حكم الشاء ، فمن المحال أن يؤخذ منها زكاة ، فلا تجوز هي في الزكاة بغير نص في ذلك .
وأيضا - فإن زكاة ماشية لم يحل عليها حول لم يأت به قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع ؟ وأما من
ملك خرفانا أو عجولا أو فصلانا سنة كاملة فالزكاة فيها واجبة عند تمام العام ; لأن كل ذلك يسمى غنما ، وبقرا وإبلا .
حدثنا
عبد الله بن ربيع ثنا
محمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
هلال بن خباب عن
ميسرة أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49178أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه ، فسمعته يقول : إن في عهدي أن لا نأخذ من راضع لبن } .
[ ص: 88 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لو أراد أن لا يؤخذ هو في الزكاة لقال " أن لا نأخذ راضع لبن " لكن لما منع من أخذ الزكاة من راضع لبن - وراضع لبن اسم للجنس - صح بذلك أن لا تعد الرواضع فيما تؤخذ منه الزكاة .
وما نعلم أحدا عاب
هلال بن خباب ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان قال : لقيته وقد تغير ، وهذا ليس جرحة ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيما أسن من
يحيى بنحو عشرين سنة ، فكان لقاء
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم لهلال قبل تغيره بلا شك .
وأما
سويد فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأتى إلى
المدينة بعد وفاته عليه السلام بنحو خمس ليال ، وأفتى أيام
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه - : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف فطردا قولهما ، إذ أوجبا أخذ خروف صغير في الزكاة عن أربعين خروفا فصاعدا ، ولدت قبل الحول أو ماتت أمهاتها ؟ وأخذ مثل هذا في الزكاة عجب جدا وأما إذا أتمت سنة فاسم شاة يقع عليها فهي معدودة ومأخوذة - وبالله تعالى التوفيق .
وحصلوا كلهم على أن ادعوا أنهم قلدوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ; وهم قد خالفوه في هذه المسألة نفسها ، فلم ير
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أن تعد الأولاد مع الأمهات إلا إذا كانت
[ ص: 89 ] الأمهات نصابا ; ولم يقل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كذلك ؟ وحصل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على قياس فاسد متناقض ; لأنه قاس فائدة الماشية خاصة - دون سائر الفوائد - على ما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من عد أولادها معها ، ثم نقض قياسه فرأى أن لا تضم فائدة الماشية بهبة ، أو ميراث ، أو شراء إلى ما عنده منها إلا إن كان ما عنده نصابا تجب في مثله الزكاة وإلا فلا - ورأى أن تضم أولادها إليها وإن لم تكن الأمهات نصابا تجب في الزكاة ؟ وهذه تقاسيم لا يعرف أحد قال بها قبلهم ، ولا هم اتبعوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ولا طردوا القياس ، ولا اتبعوا نص السنة في ذلك .