وقالت طائفة : ليس فيما دون ثلاثين شيء ; فإذا
بلغت البقر ثلاثين ففيها تبيع ، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغتها ففيها بقرة ، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ خمسين فإذا بلغتها ففيها بقرة وربع ، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ سبعين ; فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة - : وروينا هذا من طريق
الحجاج بن المنهال عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة وعن
حماد بن أبي سليمان عن
إبراهيم فذكره كما أوردنا ; وهي رواية غير مشهورة أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ؟ ويمكن أن يموه هؤلاء بالخبر الذي أوردناه آنفا من طريق
الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم {
فيما بين الأربعين والخمسين ليس فيها شيء يعني من البقر } وقالت طائفة :
ليس فيما دون الثلاثين من البقر شيء ، فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع ، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعين ; فإذا بلغتها ففيها بقرة مسنة ، فإن زادت واحدة ففيها بقرة وجزء من أربعين من بقرة ; وهكذا في كل واحدة تزيد ففيها جزء آخر
[ ص: 96 ] زائد من أربعين جزءا من بقرة ; هكذا إلى الستين ، فإذا بلغتها ففيها تبيعان ; ثم لا شيء فيها إلا في كل عشرة زائدة كما ذكرنا قبل ; وهي الرواية المشهورة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وقد روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : سألت
حمادا هو ابن أبي سليمان - فقلت إن كانت خمسين بقرة ؟ فقال : بحساب ذلك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج هو ابن أرطاة عن
حماد بن أبي سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : يحاسب صاحب البقر بما فوق الفريضة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب العكلي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17109معاوية بن صالح عن
العلاء بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول أنه قال في صدقة البقر : ما زاد فبالحساب ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا عموم
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ،
وحماد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ، وظاهره أن كل ما زاد على الثلاثين إلى الأربعين وعلى الأربعين إلى الستين ففي كل واحدة زائدة جزء من بقرة .
وقد ذكرناه عن
عكرمة بن خالد أن بعض شيوخ كانوا قد صدقوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : في كل أربعين بقرة بقرة ، مخالفين لمن جعل في أقل من الأربعين شيئا .
وذهبت طائفة إلى أنه ليس فيما دون الخمسين ولا ما فوقها شيء ; وأن صدقة البقر إنما هي في كل خمسين بقرة بقرة فقط هكذا أبدا كما حدثنا
حمام ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ثنا
الدبري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
عمرو بن دينار قال : كان عمال
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=38وابن عوف وعماله ، يأخذون من كل خمسين بقرة بقرة ; ومن كل مائة بقرتين ، فإذا كثرت ففي كل خمسين بقرة بقرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا كل ما حضرنا ذكره مما رويناه من اختلاف الناس في زكاة البقر ، وكل أثر رويناه فيها ووجب النظر للمرء لنفسه فيما يدين به ربه تعالى في دينه - : فأول ذلك أن الزكاة فرض واجب في البقر - :
[ ص: 97 ] كما حدثنا عن
عبد الله بن يوسف ثنا
أحمد بن فتح ثنا
عبد الوهاب بن عيسى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=15277المعرور بن سويد عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر قال " انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل
الكعبة فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34673ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه ; تنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس ؟ } حدثنا
حمام ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ثنا
الدبري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49191ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط ، وأقعد لها بقاع قرقر تسير عليه بقوائمها وأخفافها ; ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت ، وأقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها } وذكر باقي الخبر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فوجب فرضا طلب ذلك الحد الذي حده الله تعالى منها ، حتى لا يتعدى قال عز وجل : {
ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
فنظرنا القول الأول فوجدنا الآثار الواردة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعة والحجة لا تجب إلا بمتصل ، إلا أنه يلزم القائلين بالمرسل والمنقطع - من الحنفيين ، والمالكيين - أن يقولوا : بها ، وإلا فقد تناقضوا في أصولهم وتحكموا بالباطل ; لا سيما مع قول .
[ ص: 98 ] الزهري : إن هذه الأخبار بها نسخ إيجاب التبيع ، والمسنة : في الثلاثين والأربعين ; فلو قبل مرسل أحد لكان
الزهري أحق بذلك لعلمه بالحديث ; ولأنه قد أدرك طائفة من الصحابة رضي الله عنهم .
ولم يحك القول في الثلاثين بالتبيع ، وفي الأربعين بالمسنة إلا عن أهل
الشام ، لا عن أهل
المدينة ، ووافق
الزهري على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وغيره من
nindex.php?page=showalam&ids=16523فقهاء المدينة ; فهذا كله يوجب على المالكيين القول بهذا أو إفساد أصولهم ، وأما نحن فلو صح - وأسند - ما خالفناه أصلا - وأما احتجاجهم بعموم الخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49192ما من صاحب بقر لا يؤدي زكاتها ولا يفعل فيها حقها } وقولهم : إن هذا عموم لكل بقر - : فإن هذا لازم للحنفيين ، والمالكيين ، المحتجين بإيجاب الزكاة في العروض بعموم قول الله تعالى : {
خذ من أموالهم صدقة } الآية والمحتجين بهذا في وجوب الزكاة في العسل وسائر ما احتجوا فيه بمثل هذا ، لا مخلص لهم منه أصلا ؟ وأما نحن فلا حجة علينا بهذا ; لأننا - وإن كنا لا يحل عندنا مفارقة العموم إلا لنص آخر - فإنه لا يحل شرع شريعة إلا بنص صحيح ، ونحن نقر ونشهد أن في البقر زكاة مفروضة يعذب الله تعالى من لم يؤدها العذاب الشديد ، ما لم يغفر له برجوح حسناته أو مساواتها لسيئاته ، إلا أنه ليس في هذا الخبر بيان المقدار الواجب في الزكاة منها ، ولا بيان العدد الذي تجب فيه الزكاة منها ، ولا متى تؤدى ; وليس البيان للديانة موكولا إلى الآراء والأهواء ; بل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه وباعثه {
لتبين للناس ما نزل إليهم } .
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوجبوه في الخمس فصاعدا من البقر ، وقد صح الإجماع المتيقن بأنه ليس في كل عدد من البقر زكاة ; فوجب التوقف عن إيجاب فرض ذلك في عدد دون عدد بغير نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فسقط تعلقهم بالعموم هاهنا ، ولو كان عموما يمكن استعماله لما خالفناه ؟ وأما قولهم : إن من زكى البقر - كما قالوا - فهو على يقين من أنه قد أدى فرضه الواجب عليه ومن لم يزكها - كما قالوا - فليس على يقين من أنه أدى فرضه ; وأن ما صح
[ ص: 99 ] بيقين وجوبه لم يسقط إلا بيقين آخر - : فهذا لازم لمن قال : إن من تدلك في الغسل فهو على يقين من أنه قد أدى فرضه ; والغسل واجب بيقين ; فلا يسقط إلا بيقين مثله ; ولمن أوجب مسح جميع الرأس في الوضوء بهذه الحجة نفسها ; ومثل هذا لهم كثير جدا وأما نحن فإن هذا لا يلزم عندنا ; لأن الفرائض لا تجب إلا بنص أو إجماع .
ومن سلك هذه الطريق في الاستدلال فإنه يريد إيجاب الفرائض وشرع الشرائع باختلاف ; لا نص فيه ، وهذا باطل ; ولم يتفق قط على وجوب إيعاب جميع الرأس في الوضوء ولا على التدلك في الغسل ; ولا على إيجاب الزكاة في خمس من البقر فصاعدا إلى الخمسين وإنما كان يكون استدلالهم هذا صحيحا لو وافقناهم على وجوب كل ذلك ثم أسقطنا وجوبه بلا برهان ; ونحن لن نوافقهم قط على وجوب غسل فيه تدلك ; ولا على إيجاب مسح جميع الرأس ، ولا على إيجاب زكاة في خمس من البقر فصاعدا ; وإنما وافقناهم على إيجاب الغسل دون تدلك ، وعلى إيجاب مسح بعض الرأس لا كله ; وعلى وجوب الزكاة في عدد ما من البقر لا في كل عدد منها ; فزادوا هم - بغير نص ولا إجماع - إيجاب التدلك ، ومسح جميع الرأس ، والزكاة في خمس من البقر فصاعدا ; وهذا شرع بلا نص ولا إجماع ، وهذا لا يجوز ; فهذا يلزم ضبطه ; لئلا يموه فيه أهل التمويه بالباطل ، فيدعوا إجماعا حيث لا إجماع ، ويشرعوا الشرائع بغير برهان ، ويخالفوا الإجماع المتيقن - وبالله تعالى التوفيق .
وأما احتجاجهم بقياس البقر على الإبل في الزكاة فلازم لأصحاب القياس لزوما لا انفكاك له ; فلو صح شيء من القياس لكان هذا منه صحيحا وما نعلم في الحكم بين الإبل ، والبقر فرقا مجمعا عليه .
ولقد كان يلزم من يقيس ما يستحل به فرج المرأة المسلمة في النكاح من الصداق على ما تقطع فيه يد السارق ، ومن يقيس حد الشارب على حد القاذف ، ومن يقيس السقمونيا على القمح والتمر ، ويقيس الحديد ، والرصاص والصفر : على الذهب ، والفضة ; ويقيس الجص على البر والتمر ، في الربا ، ويقيس الجوز على القمح في الربا ; وسائر تلك المقاييس السخيفة وتلك العلل المفتراة الغثة - : أن يقيس البقر على الإبل في الزكاة ; وإلا فقد
[ ص: 100 ] تحكموا بالباطل ; وأما نحن فالقياس كله عندنا باطل وأما قولهم : لم نجد في الأصول ما يكون وقصه ثلاثين ، فإنه عندنا تخليط وهوس لكنه لازم أصح لزوم لمن قال - محتجا لباطل قوله في إيجاب الزكاة ما بين الأربعين والستين من البقر - : إننا لم نجد في الأصول ما يكون وقصه تسعة عشر ، ولكن القوم متحكمون ؟ فسقط كل ما احتجوا به عنا ، وظهر لزومه للحنفيين ، والمالكيين ، والشافعيين ، لا سيما لمن قال : بالقول المشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في زكاة البقر ، الذي لم يتعلق فيه بشيء أصلا ثم نظرنا في قول من أوجب في الثلاثين تبيعا ، وفي الأربعين مسنة ، ولم يوجب بين ذلك ولا بعد الأربعين إلى الستين شيئا - : فوجدنا الآثار التي احتجوا بها عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ وغيره مرسلة كلها ، إلا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا لم يلق
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا ;
nindex.php?page=showalam&ids=15550وبقية ضعيف لا يحتج بنقله ، أسقطه
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وغيره ، والحجة لا تجب إلا بالمسند من نقل الثقات .
فإن قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا وإن كان لم يلق
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا فقد كان
باليمن رجلا أيام كون
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ هنالك ; وشاهد أحكامه ، فهذا عنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بنقل الكافة .
قلنا : لو أن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروقا ذكر أن الكافة أخبرته بذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ لقامت الحجة بذلك ;
nindex.php?page=showalam&ids=17073فمسروق هو الثقة الإمام غير المتهم : لكنه لم يقل قط هذا ; ولا يحل أن يقول
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق رحمه الله ما لم يقل فيكذب عليه ; ولكن لما أمكن في ظاهر الأمر أن يكون عند
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق هذا الخبر عن تواتر ، أو عن ثقة ; أو عمن لا تجوز الرواية عنه - : لم يجز القطع في دين الله تعالى ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم بالظن الذي هو أكذب الحديث ، ونحن نقطع أن هذا الخبر لو كان عند
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن ثقة لما كتمه ، ولو كان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طمسه الله تعالى المتكفل بحفظ الذكر المنزل على نبيه عليه السلام المتم لدينه - : لنا هذا الطمس حتى لا يأتي إلا من طريق واهية والحمد لله رب العالمين وأيضا : فإن زموا أيديهم وقالوا : هو حجة ، والمرسل هاهنا والمسند سواء .
[ ص: 101 ]
قلنا لهم : فلا عليكم ; خذوا من هذه الطريق بعينها ما حدثناه
حمام بن أحمد قال : ثنا
عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12252أحمد بن خالد ثنا
عبيد بن محمد الكشور ثنا
محمد بن يوسف الحذافي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16115شقيق بن سلمة هو أبو وائل - عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق بن الأجدع قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49193بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم وحالمة دينارا أو قيمته من المعافري } .