صفحة جزء
706 - مسألة : فإن كان عبد أو أمة بين اثنين فصاعدا فعلى سيديهما إخراج زكاة الفطر ، يخرج عن كل واحد من مالكيه بقدر حصته ، وكذلك إن كان الرقيق كثيرا بين سيدين فصاعدا ؟ وقال أبو حنيفة ، والحسن بن حي ، وسفيان الثوري : ليس على سيديه ولا عليه أداء زكاة الفطر ، وكذلك لو كثر الرقيق المشترك ؟ وقال مالك ، والشافعي : يخرج عنه سيداه بقدر ما يملك كل واحد منهما ، وكذلك لو كثر الرقيق ؟ قال أبو محمد : ما نعلم لمن أسقط عنه صدقة الفطر وعن سيده حجة أصلا ، إلا أنهم قالوا : ليس أحد من سيديه يملك عبدا ، ولا أمة - وقال بعضهم : من ملك بعض الصاع لم يكن عليه أداؤه ، فكذلك من ملك بعض عبد ، أو بعض كل عبد ، أو أمة من رقيق كثير ؟ قال أبو محمد : أما قولهم : لا يملك عبدا ، ولا أمة فصدقوا ، ولا حجة لهم فيه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل : يخرجها كل أحد عن عبده وأمته ، وإنما قال { ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق } فهؤلاء رقيق ، والعبد المشترك رقيق ، فالصدقة فيه واجبة بنص الخبر المذكور على المسلم ، وهذا اسم يعم النوع كله وبعضه ، ويقع على الواحد والجميع ، وبهذا النص لم يجز في الرقبة الواجبة نصفا رقبتين ، لأنه لا يقع عليهما اسم " رقبة " والنص جاء بعتق رقبة ؟ وقال الحنفيون : من أعطى نصفي شاتين في الزكاة أجزأته ، ولو أعتق نصفي رقبتين في رقبة واحدة لم يجزه ؟ [ ص: 257 ] وقال محمد بن الحسن : من كان من مملوك بين اثنين فصاعدا فعلى ساداته فيه زكاة الفطر ; فإن كان عبدان فصاعدا عن اثنين فلا صدقة فطر على الرقيق ولا على من يملكهم ؟ وأما قولهم : إنه قياس على من لم يجد إلا بعض الصاع فالقياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأنه قياس للخطأ على الخطأ ، بل من قدر على بعض صاع لزمه أداؤه ، على ما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى .

وقد روينا من طريق وكيع عن سفيان عن أبي الحويرث عن محمد بن عمار عن أبي هريرة قال : ليس زكاة الفطر إلا عن مملوك تملكه ، قال وكيع : يعني في المملوك بين الرجلين ، وهذا مما خالف فيه المالكيون صاحبا لا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف ، وهذا مما خالف فيه الحنفيون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيجابه صدقة الفطر على كل حر ، وعبد ، صغير ، وكبير ذكر أو أنثى ، وخالفوا فيه القياس ; لأنهم أوجبوا الزكاة في الغنم المشتركة وأسقطوا زكاة الفطر عن الرقيق المشترك .

التالي السابق


الخدمات العلمية