قسم الصدقة - مسألة : ومن
تولى تفريق زكاة ماله أو زكاة فطره أو تولاها الإمام أو أميره - : فإن الإمام ، أو أميره : يفرقانها ثمانية أجزاء مستوية : للمساكين سهم ، وللفقراء سهم ، وفي المكاتبين وفي عتق الرقاب سهم ، وفي سبيل الله تعالى سهم ، ولأبناء السبيل سهم ، وللعمال الذين يقبضونها سهم ، وللمؤلفة قلوبهم سهم .
وأما من فرق زكاة ماله ففي ستة أسهم كما ذكرنا ، ويسقط : سهم العمال ، وسهم المؤلفة قلوبهم . ولا يجوز أن يعطي من أهل سهم أقل من ثلاثة أنفس ، إلا أن لا يجد ، فيعطي من وجد ؟ ولا يجوز أن يعطي بعض أهل السهام دون بعض ، إلا أن يجد ، فيعطي من وجد ؟ ولا يجوز أن يعطي منها كافرا ، ولا أحدا من
بني هاشم ،
والمطلب ابني
عبد مناف ، ولا أحدا من مواليهم ؟ فإن أعطى من ليس من أهلها - عامدا أو جاهلا - لم يجزه ، ولا جاز للآخذ ، وعلى الآخذ أن يرد ما أخذ ، وعلى المعطي أن يوفي ذلك الذي أعطى في أهله ؟ برهان ذلك - : قول الله تعالى : {
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } .
وقال بعضهم : يجزئ أن يعطي المرء صدقته في صنف واحد منها ؟ واحتجوا بأنه لا يقدر على عموم جميع الفقراء وجميع المساكين . فصح أنها في البعض .
[ ص: 268 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } . ولقول الله تعالى : {
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
فصح أن ما عجز عنه المرء فهو ساقط عنه ، وبقي عليه ما استطاع ، لا بد له من إيفائه ; فسقط عموم كل فقير وكل مسكين ، وبقي ما قدر عليه من جميع الأصناف ، فإن عجز عن بعضها سقط عنه أيضا ; ومن الباطل أن يسقط ما يقدر عليه من أجل أنه سقط عنه ما لا يقدر عليه ؟ وذكروا حديث الذهيبة التي قسمها عليه الصلاة والسلام بين الأربعة ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد ذكرنا هذا الخبر ، وأنه لم تكن تلك الذهيبة من الصدقة أصلا ; لأنه ليس ذلك في الحديث أصلا ; ولا يمتنع أن يعطى عليه الصلاة والسلام المؤلفة قلوبهم من غير الصدقة ، بل قد أعطاهم من غنائم
حنين .
وذكروا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49319عن سلمة بن صخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه صدقة بني زريق } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا مرسل ، ولو صح لم يكن لهم فيه حجة ، لأنه ليس فيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم سائر الأصناف من سائر الصدقات ؟ وادعى قوم : أن سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا باطل ، بل هم اليوم أكثر ما كانوا ، وإنما يسقطون هم والعاملون إذا تولى المرء قسمة صدقة نفسه ; لأنه ليس هنالك عاملون عليها ، وأمر المؤلفة إلى الإمام لا إلى غيره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا يختلفون في أن من أمر لقوم بمال - وسماهم - أنه لا يحل أن يخص به بعضهم دون بعض ، فمن المصيبة قول من قال : إن أمر الناس أوكد من أمر الله تعالى - : حدثنا
أحمد بن عمر بن أنس ثنا
عبد الله بن الحسين بن عقال ثنا
إبراهيم بن محمد الدينوري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16907محمد بن الجهم ثنا
محمد بن مسلمة ثنا
يعقوب بن محمد ثنا
رفاعة [ ص: 269 ] عن جده : {
أن بعض الأمراء استعمل nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج على صدقة الماشية ، فأتاه لا شيء معه فسأله ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=46رافع إن عهدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حديث وإني جزيتها ثمانية أجزاء فقسمتها ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع } .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في الزكاة : ضعوها مواضعها ؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
والحسن مثل ذلك . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل مثل ذلك ، وقال في نصيب المؤلفة قلوبهم رده على الآخرين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : ضعها حيث أمرك الله . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع ، كما أوردنا ، وروينا القول الثاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ;
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وغيرهما .
وأما قولنا : لا يجزئ أقل من ثلاثة من كل صنف إلا أن لا يجد - : فلأن اسم الجمع : لا يقع إلا على ثلاثة فصاعدا ، ولا يقع على واحد ، وللتثنية بنية في اللغة ، تقول : مسكين للواحد ، ومسكينان للاثنين ، ومساكين للثلاثة ، فصاعدا ، وكذلك اسم الفقراء وسائر الأسماء المذكورة في الآية ؟ وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وغيره .
وأما أن لا يعطي كافرا فلما حدثناه
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا
إبراهيم بن أحمد ثنا
الفربري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15924زكرياء بن إسحاق عن
يحيى بن عبد الله بن صيفي عن
أبي معبد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49321أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا إلى اليمن وقال له في حديث فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم } . فإنما جعلها عليه الصلاة والسلام لفقراء المسلمين فقط .
وأما
بنو هاشم ،
وبنو المطلب فلما حدثناه
عبد الله بن يوسف ثنا
أحمد بن فتح ثنا
عبد الوهاب بن عيسى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17224هارون بن معروف ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن
ابن شهاب عن
عبد الله بن الحارث بن نوفل عن
عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب " أن رسول
[ ص: 270 ] الله صلى الله عليه وسلم قال له
nindex.php?page=showalam&ids=69وللفضل بن عباس بن عبد المطلب {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49322إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ القوم ، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فاختلف الناس في : من هم آل
محمد ؟ فقال قوم : هم
بنو عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف فقط ، لأنه لا عقب
لهاشم من غير
عبد المطلب ، واحتجوا بأنهم آل
محمد بيقين ، لأنه لا عقب
لعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق له عليه الصلاة والسلام أهل إلا ولد
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ،
وأبي طالب ،
والحارث ;
وأبي لهب :
بني عبد المطلب فقط ; وقال آخرون : بل
بنو عبد المطلب بن هاشم ،
وبنو المطلب بن عبد مناف فقط ومواليهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ بن الفرج المالكي : آل
محمد : جميع
قريش ، وليس الموالي منهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فوجب النظر في ذلك - : فوجدنا ما حدثناه
عبد الله بن ربيع قال ثنا
محمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب أنا
عمرو بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى وهو ابن سعيد القطان - ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم هو ابن عتيبة - عن
عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49323أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فأراد أبو رافع أن يتبعه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لا تحل لنا ، وإن مولى القوم منهم } .
فبطل قول من أخرج الموالي من حكمهم في تحريم الصدقة .
ووجدنا ما حدثناه
عبد الله بن ربيع ثنا
محمد بن إسحاق بن السليم ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود السجستاني ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15036عبيد الله بن عمر بن ميسرة ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن
[ ص: 271 ] nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن
الزهري أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أخبرني {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49324 nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم أنه جاء هو nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان يكلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم ، وبني عبد المطلب ، فقلت : يا رسول الله ، قسمت لإخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئا ، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بنو هاشم ، وبنو المطلب شيء واحد } . فصح أنه لا يجوز أن يفرق بين حكمهم في شيء أصلا ; لأنهم شيء واحد بنص كلامه عليه الصلاة والسلام ; فصح أنهم آل
محمد ، وإذ هم آل
محمد فالصدقة عليهم حرام ; فيخرج
بنو عبد شمس ،
وبنو نوفل ابني
عبد مناف ، وسائر
قريش عن هذين : البطنين - وبالله تعالى التوفيق .
ولا يحل لهذين البطنين صدقة فرض ولا تطوع أصلا ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49325لا تحل الصدقة لمحمد ولا لآل محمد } فسوى بين نفسه وبينهم ، وأما ما لا يقع عليه اسم صدقة مطلقة فهو حلال لهم ، كالهبة ، والعطية ، والهدية ، والنحل ، والحبس ، والصلة ، والبر ، وغير ذلك ، لأنه لم يأت نص بتحريم شيء من ذلك عليهم وأما قولنا : لا تجزئ إن وضعت في يد من لا تجوز له - فلأن الله تعالى سماها لقوم خصهم بها ; فصار حقهم فيها ; فمن أعطى منها غيرهم فقد خالف ما أمر الله تعالى به .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } فوجب على المعطي إيصال ما عليه إلى من هو له ، ووجب على الآخذ رد ما أخذ بغير حق . قال تعالى : {
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .