وأما قولنا : لا يجوز
الصوم في السفر فإن الناس اختلفوا - : فقالت طائفة : من سافر بعد دخول رمضان فعليه أن يصومه كله . وقالت طائفة : بل هو مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر
. وقالت طائفة : لا بد له من الفطر ولا يجزئه صومه .
[ ص: 390 ] ثم افترق القائلون بتخييره - : فقالت طائفة : الصوم أفضل ، وقالت طائفة : الفطر أفضل : وقالت طائفة : هما سواء ، وقالت طائفة : لا يجزئه الصوم ولا بد له من الفطر - : فروينا القول الأول : عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
عبيدة السلماني عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم ; لأن الله تعالى قال : {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وعن
عبيدة مثله .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثله ; وعن
عائشة أم المؤمنين : أنها نهت عن السفر في رمضان ; وعن
خيثمة كانوا يقولون : إذا حضر رمضان : فلا تسافر حتى تصوم . وعن
أبي مجلز مثله قال : فإن أبى أن لا يسافر فليصم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي مثل قول
أبي مجلز . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أنه سئل عن المسافر أيصوم أم يفطر ؟ فقال : يصوم . وأما الطائفة المجوزة للصوم والفطر ; أو المختارة للصوم - : فهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ; فشغبوا بقول الله تعالى : {
وأن تصوموا خير لكم } واحتجوا بأحاديث - : منها حديث
سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37218من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه } . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49419أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه في السفر بالفطر وهو صائم فترددوا وفطر هو عليه السلام } . وذكروا عن أم المؤمنين أنها كانت تصوم في السفر وتتم الصلاة ; وعن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى [ ص: 391 ] أنه كان يصوم رمضان في السفر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك إن أفطرت فرخصة الله تعالى ، وإن صمت فالصوم أفضل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : الصوم أفضل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة ،
وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث مثله ; وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أنه صام في سفر ; لأنه كان راكبا ، وأفطر
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد مولاه ، لأنه كان ماشيا وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : صمه في اليسر وأفطره في العسر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : الصوم أفضل ، وعن
الأسود بن يزيد مثله . واحتج من رأى الأمرين سواء بحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49420حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال : يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي ذلك شئت يا حمزة } . وبحديث مرسل عن
الغطريف أبي هارون {
أن رجلين سافرا ، فصام أحدهما وأفطر الآخر ، فذكرا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : كلاكما أصاب } . وبحديث مرسل عن
أبي عياض {
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أن ينادى في الناس : من شاء صام ومن شاء أفطر } . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49423كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم } .
[ ص: 392 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ،
والأسود ،
ويزيد بن معاوية النخعي : أنهم سافروا في رمضان فصام بعضهم ، وأفطر بعضهم فلم يعب بعضهم على بعض . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء إن شئت فصم وإن شئت فأفطر . وأما من رأى الفطر أفضل فاحتجوا بحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49424حمزة بن عمرو إذ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له عليه السلام : هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه } .
وممن روينا عنه اختيار الفطر على الصوم - :
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، روينا أنه سافر هو ،
وعبد الرحمن بن الأسود ،
nindex.php?page=showalam&ids=83والمسور بن مخرمة فصاما وأفطر
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد فقيل له في ذلك ؟ فقال : أنا أفقه منهما . وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان لا يصوم في السفر وكان معه رقيق فكان يقول : يا
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ضع له سحوره ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذا سافر أحب إليه أن يفطر يقول : رخصة ربي أحب إلي وأن آجر لك أن تفطر في السفر . ويحتج أهل هذا القول بحديث
حمزة بن عمرو الذي روينا آنفا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49425عن النبي صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه } ، فحسن الفطر ولم يزد في الصوم على إسقاط الجناح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : هذا ما احتجت به كل طائفة ممن رأت الصوم في السفر لم ندع منه شيئا ، ولسنا نقول بشيء من هذه الأقوال فنحتاج إلى ترجيح بعضها على بعض ، إلا أنها
[ ص: 393 ] كلها متفقة على جواز الصوم لرمضان في السفر ، وهو خلاف قولنا فإنما يلزمنا دفعها كلها من أجل ذلك فنقول وبالله تعالى نتأيد ونستعين - : أما قول الله تعالى : {
وأن تصوموا خير لكم } فقد أتى كبيرة من الكبائر ، وكذب كذبا فاحشا من احتج بها في إباحة الصوم في السفر ; لأنه حرف كلام الله تعالى عن موضعه نعوذ بالله تعالى من مثل هذا .
وهذا عار لا يرضى به محقق ; لأن نص الآية {
كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم } وإنما نزلت هذه الآية في حال الصوم المنسوخة ; وذلك أنه كان الحكم في أول نزول صوم رمضان : أن من شاء صامه ومن شاء أفطره وأطعم مكان كل يوم مسكينا ، وكان الصوم أفضل ، هذا نص الآية ، وليس للسفر فيها مدخل أصلا ولا للإطعام مدخل في الفطر في السفر أصلا ; فكيف استجازوا هذه الطامة ؟ وبهذا جاءت السنن ؟ - : حدثنا
عبد الله بن يوسف ثنا
أحمد بن فتح نا
عبد الوهاب بن عيسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي نا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج حدثني
عمرو بن سواد أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج عن
يزيد مولى سلمة بن الأكوع {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49426عن nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع قال : كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين حتى نزلت هذه الآية : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } . } وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - : نا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=15561بكر يعني ابن مضر - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج عن
يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية : {
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها .
[ ص: 394 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فحينئذ كان الصوم أفضل ; فظهرت فضيحة من احتج بهذه الآية في الصوم في السفر ؟ وأما حديث ابن المحبق {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49427من كان يأوي إلى حمولة أو شبع فليصم } فحديث ساقط لأن راويه
عبد الصمد بن حبيب - وهو بصري - لين الحديث عن
سنان بن سلمة بن المحبق وهو مجهول
ثم لو صح هذا الخبر لما كان فيه حجة لأحد من الطوائف المذكورة إلا للقول المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز " صمه في اليسر ، وأفطره في العسر " لأنه ليس فيه إلا إيجاب الصوم ، ولا بد على ذي الحمولة والشبع ، وهذا خلاف جميع الطوائف المذكورة . وأما حديث
الغطريف ،
وأبي عياض فمرسلان ; ولا حجة في مرسل ; وأما حديث
حمزة بن عمرو الذي ذكرنا هاهنا الذي فيه إباحة الصوم في رمضان في السفر ; فإنما هو من رواية
ابن حمزة - ابنه
محمد بن حمزة - وهو ضعيف ، وأبوه كذلك ; وأما الثابت من حديث
حمزة هو ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ; فلا حجة لهم في شيء منها لوجهين :
أحدهما : ليس في شيء منها أنه عليه الصلاة والسلام كان صائما لرمضان ، وإذ ليس ذلك فيها فلا يجوز القطع بذلك ، ولا الاحتجاج باختراع ما ليس في الخبر على القرآن ، وقد يمكن أن يكون صائما تطوعا .
والثاني : أنه حتى لو كان ذلك فيها نصا لما كان لهم فيها حجة ; لأن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم إيجاب الفطر في رمضان في السفر ; فلو كان صوم رمضان في السفر قبل ذلك مباحا لكان منسوخا بآخر أمره عليه الصلاة والسلام كما نذكره إن شاء الله تعالى