9 - مسألة : وأن
النبوة حق ; برهان ذلك : أن ما غاب عنا أو كان قبلنا فلا يعرف إلا بالخبر عنه . وخبر التواتر يوجب العلم الضروري ولا بد ، ولو دخلت في نقل التواتر داخلة أو شك لوجب أن يدخل الشك هل كان قبلنا خلق أم لا ; إذ لم نعرف كون الخلق موجودا قبلنا إلا بالخبر ، ومن بلغ ههنا فقد فارق المعقول وبنقل التواتر المذكور صح أن قوما من الناس أتوا أهل زمانهم يذكرون أن الله تعالى خالق الخلق أوحى إليهم يأمرهم بإنذار قومهم بأوامر ألزمهم الله تعالى إياها ، فسألوا برهانا على صحة ما قالوا : فأتوا بأعمال هي خلاف لطبائع ما في العالم لا يمكن ألبتة في العقل أن يقدر عليها مخلوق ، حاشا خالقها الذي ابتدعها كما شاء ، كقلب عصا حية تسعى ، وشق البحر لعسكر جازوا فيه وغرق من اتبعهم ; وكإحياء ميت قد صح موته ، وكإبراء أكمه ولد أعمى ، وكناقة خرجت من ` `` صخرة ، وكإنسان رمي في النار فلم يحترق ، وكإشباع عشرات من الناس من صاع شعير ، وكنبعان الماء من بين أصابع إنسان حتى روي العسكر كله . فصح ضرورة أن الله تعالى شهد لهم بما أظهر على أيديهم فصح ما أتوا به عنه وأنه تعالى صدقهم فيما قالوه .