819 - مسألة :
والحج لا يجوز شيء من عمله إلا في أوقاته المنصوصة ولا يحل الإحرام به إلا في أشهر الحج قبل وقت الوقوف بعرفة .
وأما
العمرة فهي جائزة في كل وقت من أوقات السنة ، وفي كل يوم من أيام السنة ، وفي كل ليلة من لياليها لا تحاش شيئا - : برهان صحة قولنا : - قول الله عز وجل {
الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } .
الآية ، فنص عز وجل على أنه {
أشهر معلومات } .
وقال تعالى : {
ومن يتعد حدود الله فقد ظلم } .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج كليهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يسأل أيهل أحد بالحج قبل أشهر الحج ؟ قال : لا .
ومن طريق
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لا ينبغي لأحد أن يهل بالحج إلا في أشهر الحج لقول الله تعالى : {
فمن فرض فيهن الحج } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي قال :
[ ص: 46 ] رأى
عمرو بن ميمون بن أبي نعم يحرم بالحج في غير أشهر الحج فقال : لو أن أصحاب
محمد أدركوه رجموه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني أن
عكرمة قال
لأبي الحكم : أنت رجل سوء ; لأنك خالفت كتاب الله عز وجل وتركت سنة نبيه صلى الله عليه وسلم . قال الله تبارك وتعالى : {
الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج } . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالبيداء ، وجعل القرية خلف ظهره أهل وإنك تهل في غير أشهر الحج
؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد قالوا : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
والشعبي مثل ذلك قالا : فإن أهل بالحج في غير أشهر الحج فإنه يحل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه يحل ويجعلها عمرة وأنه ليس حجا ، يقول الله تعالى : {
الحج أشهر معلومات } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد عن
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم أنه قال : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج ; فإن فعل فلا يحل حتى يقضي حجه . .
وقال
الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : تصير عمرة ولا بد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : يكره ذلك ويلزمه إن أحرم قبل أشهر الحج .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد ما نعلم في هذا القول سلفا من الصحابة رضي الله عنهم وهو
[ ص: 47 ] خلاف القرآن وخلاف القياس ، واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأنه كمن أحرم بصلاة فرض قبل وقتها أنها تكون تطوعا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا تشبيه الخطأ بالخطأ بل هو لا شيء ; لأنه لم يأت بالصلاة كما أمر ، وقال الله تعالى : {
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .
فصح أن عمل المحرم بالحج في غير أشهر الحج عمل ليس عليه أمر الله تعالى : ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فصح أنه رد ، ولا يصير عمرة ولا هو حج .
والعجب من قول من يحتج من الحنيفيين بأنهم قد أجمعوا على أنه يلزمه إحرام ما ، فإذ لا يجوز أن يكون عمرة فهو الحج ، وإن كان إنما يناظر من يساعده على هذا الخطأ فهو لعمري لازم له ، وإن كان قصد الإيهام بأنه إجماع [ تام ] فقد استسهل الكذب على الأمة كلها - نعوذ بالله من ذلك ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقد ذكرنا آنفا عن
الشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : أنه يحل ، وعن الصحابة رضي الله عنهم المنع من ذلك [ جملة ] . ونقول للحنفيين ، والمالكيين : أنتم تكرهون الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وتجيزونه فأخبرونا عنكم أهو عمل بر وفيه أجر زائد ؟ فلم تكرهون البر وعملا فيه - أجر ؟ هذا عظيم جدا وما في الدين كراهية البر وعمل الخير ، أم هو عمل ليس فيه أجر زائد ولا هو من البر ؟ فكيف أجزتموه في الدين ومعاذ الله من هذا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إذ هو عمل زائد لا أجر فيه فهو باطل بلا شك ; وقد قال تعالى : {
ليحق الحق ويبطل الباطل } ويقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : كيف تبطل عمله الذي دخل فيه ; لأنه خالف الحق ، ثم تلزمه بذلك العمل عمرة لم يردها قط ولا قصدها ولا نواها ؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } وهذا بين لا خفاء به ; فبطل كلا القولين - والحمد لله رب العالمين .
[ ص: 48 ] ولا يختلف المذكورون في أن
من أحرم بصلاة قبل وقتها فإنها تبطل
ومن نوى صياما قبل وقته فهو باطل ،
ومن قدم الوقوف بعرفة قبل وقته فهو باطل ; فهلا قاسوا الحج على ذلك ؟ وهلا قاسوا بعض عمل الحج على بعض ؟ فهذا أصح قياس لو كان القياس حقا وهذا مما خالفوا فيه القرآن ، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعرف لهم منهم مخالف ، والقياس .
والعجب أن الحنيفيين قالوا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49555في الغنم في سائمتها في كل أربعين شاة شاة } : حاشا لله أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام لا فائدة فيه فهلا قالوا : هاهنا في قول الله تعالى : {
الحج أشهر معلومات } حاشا لله من أن يقول في القرآن قولا لا فائدة فيه هذا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الزكاة في الغنم جملة دون ذكر سائمة ، ولم يأت قط في قرآن ولا سنة جواز فرض الحج في غير أشهره المعلومات ؟ .
فإن قالوا : أنتم لا تقولون بدليل الخطاب فلم جعلتم قوله تعالى : {
الحج أشهر معلومات } حجة في أن لا يتعدى بأعمال الحج إلى غيرها ؟ قلنا : إنما نمنع من دعواكم في دليل الخطاب إذا أردتم أن تبطلوا به سنة أخرى عامة ، وأما إذا ورد نص بحكم ولم يرد نص آخر بزيادة عليه فلا يحل لأحد أن يتعدى بذلك الحكم النص الذي ورد فيه .
وأما العمرة فإن الخلاف قد جاء في ذلك - :
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب سئل
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن
العمرة في أشهر الحج ؟ فقال : الحج أشهر معلومات ليس فيهن عمرة ؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
ابن أبي رواد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : اجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحجكم ولعمرتكم .
وروينا من طريق
الدراوردي عن
الجعيد بن عبد الرحمن : أن
nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد [ ص: 49 ] استأذن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان في العمرة في أشهر الحج ؟ فلم يأذن له .
وروينا من طريق
عائشة أم المؤمنين : حلت العمرة الدهر إلا ثلاثة أيام : يوم النحر ; ويومين من أيام التشريق .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
معاذة عنها .
وروينا أيضا عنها : تمت العمرة السنة كلها إلا أربعة أيام : يوم
عرفة ، ويوم النحر ويومين من أيام التشريق .
وروي أيضا عنها إلا خمسة أيام : يوم
عرفة ، ويوم النحر ، وثلاثة أيام التشريق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : العمرة كلها جائزة إلا خمسة أيام ، يوم
عرفة ، ويوم النحر ، وثلاثة أيام التشريق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : العمرة جائزة في كل وقت من السنة إلا للحاج خاصة في أيام النحر خاصة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان كما قلنا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن
nindex.php?page=showalam&ids=5842عمر بن أبي سلمة استأذن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد قال : استأذنت أختي
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بعد ما قضت حجها أتعتمر في ذي الحجة ؟ قال : نعم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن رجلا سأله فقال : تعجلت في يومين أفأعتمر ؟ قال : نعم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ليس قول بعضهم أولى من بعض ، ولا بعض الروايات عن
عائشة أولى من غيرها ، وقد حدثنا
أحمد بن محمد الطلمنكي نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
إبراهيم بن أحمد بن فراس نا
nindex.php?page=showalam&ids=14614محمد بن علي بن زيد الصائغ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان هو ابن عيينة - نا
سمي هو مولى أبي بكر - عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49556الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة والعمرة إلى العمرة تكفير لما بينهما } .
[ ص: 50 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فحض رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمرة ولم يحد لها وقتا من وقت فهي مستحبة في كل وقت ; وأما اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ففاسد جدا ; لأنه لا حجة له على صحته دون سائر ما روي في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .