10 - مسألة : وأن
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله إلى جميع الإنس والجن ، كافرهم ومؤمنهم ، برهان ذلك : أنه عليه السلام أتى بهذا القرآن المنقول إلينا بأتم ما يكون من نقل التواتر ، وأنه دعا من خالفه إلى أن يأتوا بمثله
[ ص: 27 ] فعجزوا كلهم عن ذلك ، وأنه شق له القمر . قال الله عز وجل : {
اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر } . وحن الجذع إذ فقده حنينا سمعه كل من حضره ، وهم جموع كثيرة ; ودعا
اليهود إلى تمني الموت إن كانوا صادقين ; وأخبر هم أنهم لا يتمنونه فعجزوا كلهم عن تمنيه جهارا . ودعا
النصارى إلى مباهلته فأبوا كلهم . وهذان البرهانان مذكوران جميعا في نص القرآن ، كما ذكر فيه تعجيزه جميع
العرب عن أن يأتوا بمثله أولهم عن آخرهم ; ونبع لهم الماء من بين أصابعه ، وأطعم مئين من الناس من صاع شعير وجدي ، وأذعن ملوك
اليمن والبحرين وعمان لأمره للآيات التي صحت عندهم عنه ، فنزلوا عن ملكهم كلهم طوعا دون رهبة أصلا ، ولا خوفا من أن يغزوهم ولا برغبة رغبهم بها ، بل كان يتيما فقيرا .
وهناك قوم يدعون النبوة كصاحب
صنعاء وكصاحب
اليمامة ، كلاهما أقوى جيشا وأوسع منه بلادا ، فما التفت لهم أحد غير قومهما ، وكان هو أضعفهم جندا وأضعفهم بلدا وأبعدهم من بلاد الملوك دارا ، فدعا الملوك والفرسان الذين قد ملئوا
جزيرة العرب - وهي نحو شهرين في نحو ذلك - إلى إقامة الصلاة وأداء الزكاة وإسقاط الفخر والتجبر ، والتزام التواضع والصبر للقصاص في النفس فما دونها من كل حقير أو رفيع دون أن يكون معه مال ولا عشيرة تنصره ، بل اتبعه كل من اتبعه مذعنا لما بهرهم من آياته ; ولم يأخذ قط بلدة عنوة وغلبة إلا
خيبر ومكة فقط وفي القرآن العظيم : {
يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } وقال تعالى : {
يا معشر الجن والإنس } وقال تعالى : {
قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به } إلى قوله {
وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } وقال تعالى : {
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } .