873 - مسألة :
وأما الإحصار فإن
كل من عرض له ما يمنعه من إتمام حجه أو عمرته ، قارنا كان ، أو متمتعا ، من عدو ، أو مرض ، أو كسر ، أو خطأ طريق ، أو خطأ في رؤية الهلال ، أو سجن ، أو أي شيء كان : فهو محصر .
فإن كان اشترط عند إحرامه كما قدمنا أن محله حيث حبسه الله عز وجل فليحل من إحرامه ولا شيء عليه ، سواء شرع في عمل الحج ، أو العمرة ، أو لم يشرع بعد ، قريبا كان أو بعيدا ، مضى له أكثر فرضهما أو أقله ، كل ذلك سواء ولا هدي في ذلك ولا غيره ، ولا قضاء عليه في شيء من ذلك إلا أن يكون لم يحج قط ولا اعتمر ، فعليه أن يحج ويعتمر ولا بد .
فإن كان لم يشترط كما ذكرنا فإنه يحل أيضا كما ذكرنا سواء سواء ولا فرق ، وعليه
[ ص: 220 ] هدي ولا بد ، كما قلنا في هدي المتعة سواء سواء إلا أنه لا يعوض من هذا الهدي صوم ولا غيره ، فمن لم يجده فهو عليه دين حتى يجده ، ولا قضاء عليه إلا إن كان لم يحج قط ولا اعتمر ، فعليه أن يحج ويعتمر .
واختلف الصحابة ومن بعدهم في الإحصار - : فروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع : نا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : لا إحصار إلا من عدو .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس نا
زكريا هو ابن أبي زائدة - عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49726لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيبقى بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابه ، ولا يخرج بأحد معه من أهلها ، ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه } فسمى
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء منع العدو : إحصارا .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : الإحصار من الخوف والمرض ، والكسر ; ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال : الإحصار من كل شيء يحبسه .
وأما الحصر - : فروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : الحصر ، والمرض ، والكسر ، وشبهه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لا حصر إلا من حبسه عدو .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : لا حصر الآن ، قد ذهب الحصر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة : الحصر الخوف والمرض .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه قال : الحصر ما حبسه من حابس من وجع ، أو خوف ، أو ابتغاء ضالة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري قال : الحصر ما منعه من وجع ، أو عدو حتى يفوته الحج .
[ ص: 221 ]
وفرق قوم بين الإحصار ، والحصر - : فروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي قال : ما كان من المرض فإنه يقال فيه : أحصر ، فهو محصر ، وما كان من حبس قيل : حصر .
وقال
أبو عبيد : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : ما كان من مرض ، أو ذهاب نفقة ، قيل فيه : أحصر ، فهو محصر ; وما كان من حبس قيل : حصر - وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا لا معنى له ، قول الله تعالى هو الحجة في اللغة والشريعة قال تعالى : {
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وإنما نزلت هذه الآية في أمر
الحديبية إذ منع الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتمام عمرته ، وسمى الله تعالى منع العدو إحصارا .
وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي - وهم في اللغة فوق
أبي عبيدة ،
وأبي عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي .
وقال تعالى : {
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا } .
فهذا هو منع العدو بلا شك ; لأن
المهاجرين إنما منعهم من الضرب في الأرض الكفار بلا شك ; وبين ذلك تعالى بقوله {
في سبيل الله } .
فصح أن الإحصار ، والحصر بمعنى واحد ، وأنهما اسمان يقعان على كل مانع من عدو ، أو مرض ، أو غير ذلك ، أي شيء كان ثم اختلفوا في حكم
المحصر الممنوع من إتمام حجه ، أو عمرته . فروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنه أفتى في محرم بحج مرض فلم يقدر على النهوض : أنه يبعث بهدي ، فإذا بلغ محله حل ; فإن اعتمر من وجهه ذلك إذا برأ ، ثم حج من قابل فليس عليه هدي ، فإن لم يزر
البيت حتى يحج ويجعلهما سفرا واحدا فعليه هدي آخر : سفران وهدي أو هديان وسفر - وهذا عنه منقطع لا يصح .
وصح عنه : أنه أفتى في
محرم بعمرة لدغ فلم يقدر على النفوذ : أنه يبعث بهدي ويواعد أصحابه ، فإذا بلغ الهدي أحل .
[ ص: 222 ]
وصح عنه أيضا : أنه أفتى في مريض محرم لا يقدر على النفوذ : بأن ينحر عنه بدنة ; ثم ليهل عاما قابلا بمثل إهلاله الذي أهل به .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر في
محرم بعمرة مرض بوقعة من راحلته ، قالا جميعا : ليس لها وقت كوقت الحج ، يكون على إحرامه حتى يصل إلى
البيت - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير مثل هذا أيضا .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيمن أحصر : يبعث بهديه فإذا نحر فقد حل من كل شيء .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قيل له : لا يضرك أن لا تحج العام فإنا نخشى أن يكون بين الناس قتال يحال بينك وبين
البيت وذلك حين نزل
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=14بابن الزبير فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حين حالت كفار
قريش بينه وبين
البيت : أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ; ثم قال : ما أمرهما إلا واحد إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج : أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولم يختلف اثنان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حال كفار
قريش بينه وبين العمرة - وكان مهلا بعمرة هو وأصحابه رضي الله عنهم - نحر وحل وانصرف من
الحديبية .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
يعقوب بن خالد بن المسيب المخزومي عن
أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر ، " أنه أخبره أنه كان مع
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر فخرج معه من
المدينة فمروا على
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي وهو مريض بالسقيا فأقام عليه
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج وبعث إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وهما
بالمدينة فقدما عليه ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=17حسينا أشار إلى رأسه فأمر علي برأسه فحلق ، ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا " .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
يعقوب بن خالد عن
أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي خرج
[ ص: 223 ] معتمرا مع
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فلما كان
بالعرج مرض ، فلما أتى السقيا برسم فكان أول إفاقته أن أشار إلى رأسه فحلق على رأسه ونحر عنه بها جزورا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إنما أتينا بهذا الخبر لما فيه من أنه كان معتمرا فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين ،
وأسماء رأوا أن يحل من عمرته ويهدي في موضعه الذي كان فيه ، وهو قولنا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة في المحصر قال : يبعث بهديه فإذا ذبح حل .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة أيضا : لا يحله إلا الطواف
بالبيت . وروينا عنه أيضا إن حل قبل نحر هديه فعليه دم .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والحسن ،
والشعبي : لا يحله إلا الطواف
بالبيت .
وروينا عنهم أيضا : حاشا
الشعبي : إن حل دون
البيت فعليه هدي آخر سوى الذي لزمه أن يبعث به ، ولا يحل إلا في اليوم الذي واعدهم لبلوغه
مكة ونحره .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم أيضا في القارن يحصر قال : عليه هديان .
وروينا عنه أيضا : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في القارن يحصر قالا جميعا : عليه عمرتان وحجة - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ليس على القارن إلا هدي واحد .
وعن
الشعبي أيضا : إن أحل المحصر قبل نحر هديه فعليه فدية الأذى - إطعام ستة مساكين ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو شاة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في القارن يحصر ؟ قال : يبعث بهدي يحل به ، ثم يهل من قابل بما كان أهل به .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان في القارن يحصر : أنه يبعث بالهدي فإذا بلغ محله حل وعليه عمرة وحجة - قال
الحكم بن عتيبة : عليه حجة وثلاث عمر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير في المحصر إذا رجع لا يحل منه إلا رأسه - وعن
الزهري من أحصر بالحرب نحر حيث حبس وحل من النساء ومن كل شيء .
وعن
القاسم بن محمد ،
وسالم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين : يبعث هديه فإذا نحر فقد حل من
[ ص: 224 ] كل شيء - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أيضا إذا حل المحصر قبل نحر هديه فعليه هدي آخر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فيمن
أهل بالحج فأحصر : عليه أن يبعث بثمن هدي فيشترى له
بمكة فيذبح عنه يوم النحر ، ويحل ، وعليه عمرة وحجة ، فإن لم يجد هديا أقام محرما حتى يجد هديا وله أن يواعدهم بنحره قبل يوم النحر قال : والمعتمر ينحر هديه متى شاء ، والإحصار عنده بالعدو ، والمرض ، وبكل مانع سواهما سواء سواء ، فإن تمادى مرضه إلى يوم النحر فكما قلنا - وإن هو أفاق قبل وقت الحج لم يجزه ذلك وهو محرم بالحج كما كان ; فإن كان معتمرا فأفاق فإن قدر على إدراك الهدي الذي بعث مضى وقضى عمرته ، فإن لم يقدر على ذلك حل إذا نحر عنه الهدي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن أحصر بعدو فإنه ينحر هديه حيث حبس ويحل ولا قضاء عليه ، إلا أن يكون لم يحج قط حجة الإسلام فعليه أن يحج ، فإن لم يهد فلا شيء عليه ، لا يلزمه الهدي إلا أن يكون حاضرا معه قد ساقه مع نفسه ، فإن أحصر بغير عدو لكن بحبس ، أو مرض ، أو غير ذلك ، فإنه لا يحل إلا بالطواف
بالبيت ، ولو بقي كذلك إلى عام آخر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أحصر بعدو ، أو بسجن فإنه يهدي ويحل حيث كان من حل ، أو حرم ولا قضاء عليه إلا إن كان لم يحج قط ولا اعتمر فعليه أن يحج ويعتمر ; فإن لم يقدر على هدي ففيها قولان - أحدهما : لا يحل إلا حتى يهدي ; والآخر يحل ، والهدي دين عليه - وقد قيل : عليه إطعام ، أو صيام - إن لم يقدر على الهدي - فإن أحصر بغير عدو أو حبس لم يحله إلا الطواف
بالبيت ، فإن لم يفق حتى فاته الحج طاف ، وسعى ، وحل ، وعليه الهدي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما التفريق بين المحصر بعدو ، وبغير عدو ففاسد على ما قدمنا قبل وأما إسقاط الهدي عن المحصر بعدو ، أو غيره فخلاف للقرآن ; لأن الله تعالى يقول : {
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وأما إيجاب القضاء فخطأ ; لأنه لم يأت بذلك نص .
فإن قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر بعد عام
الحديبية ؟ قلنا : نعم ، ونحن لم نمنع من القضاء عاما آخر لمن أحب ، وإنما نمنع من إيجابه فرضا ; لأن الله تعالى لم يأمر بذلك ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 225 ]
وقد صح أن الله تعالى لم يوجب على المسلم إلا حجة واحدة وعمرة في الدهر ، فلا يجوز إيجاب أخرى ، إلا بقرآن ، أو سنة صحيحة توجب ذلك فيوقف عند ذلك .
وأما القول ببقاء المحصر بمرض على إحرامه حتى يطوف
بالبيت ، فقول لا برهان على صحته ، ولا أوجبه قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع بل هو خلاف القرآن كما أوردنا - والصحابة قد اختلفوا في ذلك في العمرة خاصة ولم يرو عن أحد منهم أنه أفتى بذلك في الحج أصلا .
فإن قيل : فإن الله تعالى يقول : {
ثم محلها إلى البيت العتيق } ؟ قلنا نعم ، ولم يقل تعالى : إن المحصر لا يحل إلا بالطواف .
والذي قال {
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق } هو الذي قال {
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } .
وهو الذي أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحل ويرجع قبل أن يطوف
بالبيت في عمرته التي صد فيها عن
البيت ، ولا يحل ضرب أوامره بعضها ببعض ؟ وأما القول : ببعثه هديا يحل به ، فقول لا يؤيده قرآن ، ولا سنة ، ولا إجماع ، والصحابة قد اختلفوا في ذلك كما أوردنا .
فإن قيل : فإن الله تعالى يقول : {
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } .
قلنا : نعم ، وليس هذا في المحصر وحده ، بل هو حكم كل من ساق هديا في حج أو عمرة على عموم الآية - : فالحاج ، والقارن إذا كان يوم النحر فقد بلغ الهدي محله من الزمان والمكان
بمكة أو
بمنى ، فله أن يحلق رأسه .
والمعتمر إذا أتم طوافه وسعيه فقد بلغ هديه محله من الزمان والمكان
بمكة فله أن يحلق رأسه .
[ ص: 226 ]
والمحصر إذا صد فقد بلغ هديه محله فله أن يحلق رأسه إن كان مع هؤلاء هدي ، ولم يقل الله عز وجل قط : إن المحصر لا يحل حتى يبلغ هديه
مكة ، بل هو الكذب على الله تعالى ممن نسبه إليه عز وجل ; فظهر خطأ هذه الأقاويل .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، في الإحصار ، فلا يحفظ قول منها - بتمامه وتقسيمه - عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أصلا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فوجب الرجوع عند التنازع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه إذ يقول عز وجل : {
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } .
فوجدنا حكم الإحصار يرجع - : إلى قول الله تعالى : {
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } فكان في هذه الآية عموم إيجاب الهدي على كل من أحصر بأي وجه أحصر .
وإلى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49727فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ صده المشركون عن البيت فنحر وحلق هو وأصحابه وحلوا بالحديبية } .
وإلى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49728أمره عليه السلام من حج أن يقول : اللهم إن محلي حيث حبستني } وقد ذكرناه قبل .
وإلى ما حدثناه
عبد الله بن ربيع نا
محمد بن معاوية نا
أحمد بن شعيب أنا
حميد بن مسعدة البصري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16005سفيان هو ابن حبيب عن
الحجاج الصواف عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
عكرمة عن
الحجاج بن عمرو الأنصاري قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49729من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى } فسألت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة ؟ فقالا : صدق " .
[ ص: 227 ]
فهذه النصوص تنتظم كل ما قلنا - والحمد لله رب العالمين .
فإن قيل : ففي هذا الخبر أن عليه حجة أخرى ، وليس فيه ذكر هدي ؟ قلنا : إن القرآن جاء بإيجاب الهدي ، فهو زائد على ما في هذا الخبر ، وليس في هذا الخبر ذكر لإسقاط الهدي ولا لإيجابه ، فوجب إضافة ما زاده القرآن إليه ، وقد قدمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن اللازم للناس حجة واحدة فكان هذا الخبر محمولا على من لم يحج قط ، وبهذا تتألف الأخبار .
فإن قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قد روي عنه خلاف ما روي من هذا ؟ قلنا : الحجة إنما هي فيما روى لا في رأيه وقد ينسى ، أو يتأول ; وأيضا فإن التوهين بما روى لما روي عنه مما يخالف ما روى - أولى من توهين ما روى بما روي عنه من خلافه لما روى ، لأن الطاعة علينا إنما هي لما روى لا لما رأى برأيه .
وأيضا فلو صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خلاف ما روي لكان
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، قد روياه ولم يخالفاه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا ينحر هدي الإحصار إلا في
الحرم ، واحتج بأن
ناجية بن كعب نهض بالهدي يوم
الحديبية في شعاب وأودية حتى نحره في
الحرم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لو صح هذا لما كانت فيه حجة ; لأنه لم يأمر بذلك عليه السلام ولا أوجبه ، وإنما كان يكون عملا عمله ، وإنما الطاعة لأمره عليه السلام .
وروينا خبرا فيه : أنه عليه السلام أمر أصحابه بالبدن للهدي - وهذا لا يصح ، لأن راويه
أبو حاضر الأزدي وهو مجهول ، وبالله تعالى التوفيق .