صفحة جزء
887 - مسألة :

فإن اشترك جماعة في قتل صيد عامدين لذلك كلهم ، فليس عليهم كلهم إلا جزاء واحد لقول الله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } فليس في الصيد إلا مثله لا أمثاله . [ ص: 266 ]

روينا من طريق حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار أن موالي لابن الزبير قتلوا ضبعا وهم محرمون فسألوا ابن عمر ؟ فقال : اذبحوا كبشا فقالوا عن كل إنسان منا ؟ فقال : بل كبش واحد جميعكم - وهذا في أول دولة ابن الزبير ، ولا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف .

وهو قول عطاء ، والزهري ، ومجاهد ، والنخعي ، ومحمد بن علي ; والحارث العكلي ، وحماد بن أبي سليمان ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وروي عن الحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، والشعبي : على كل واحد منهم جزاء .

وروي هذا أيضا عن النخعي ، والحارث العكلي - وهو قول مالك .

وقال أبو حنيفة : أما المحرمون فسواء أصابوه في الحرم ، أو الحل على كل واحد منهم جزاء كامل ، وأما الحلالان فصاعدا يصيبون الصيد في الحرم فعليهم كلهم جزاء واحد ; فكان هذا الفرق طريفا جدا لا يحفظ عن أحد قبله - : واحتجوا في ذلك بأن إحرام كل واحد من المحرمين غير إحرام صاحبه ، والحرم شيء واحد ؟ فقيل لهم : بل موضع كل واحد منهم من الحرم غير موضع الآخر ، وكل مكان من الحرم فهو حرم آخر ، غير المكان الثاني ، والإحرام حكم واحد لازم لجميع المحرمين .

واحتج بعض من رأى على كل واحد جزاء بأن قال : هي كفارة ، فكما على كل قاتل خطأ إذا اشتركوا في دم المؤمن كفارة ، وعلى كل حانث إذا اشتركوا في فعل واحد كفارة فهذا مثله - فعارضهم الآخرون بأنه لما كان عليهم كلهم دية واحدة فكذلك عليهم جزاء واحد وإطعام واحد .

قال أبو محمد : وهذا قياس والقياس كله باطل ، والصحيح أن أموال الناس محظورة فلا يجوز إلزامهم غرامة بغير نص ولا إجماع ، فالجزاء بينهم والإطعام كذلك .

وأما الصيام فإن اختاروه : فعلى كل واحد منهم الصيام كله لأن الصوم لا يشترك فيه ولا يمكن ذلك ، بخلاف الأموال .

فإن اختلفوا : فمن اختار منهم الجزاء لم يجزه إلا بمثل كامل لا ببعض مثل - ومن [ ص: 267 ] اختار الإطعام لم يجزه أقل من ثلاثة مساكين ، لأنه كان يكون خلاف النص - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية