892 - مسألة :
وكل
ما صاده المحل في الحل فأدخله الحرم ، أو وهبه لمحرم ، أو اشتراه محرم : فحلال للمحرم ، ولمن في
الحرم ملكه ، وذبحه ، وأكله - وكذلك من أحرم وفي يده صيد قد ملكه قبل ذلك ، أو في منزله قريبا ، أو بعيدا ، أو في قفص معه فهو حلال له - كما كان - أكله ، وذبحه وملكه ، وبيعه ، وإنما يحرم عليه ابتداء التصيد للصيد وتملكه وذبحه حينئذ فقط ، فلو ذبحه لكان ميتة ، ولو انتزعه حلال من يده لكان للذي انتزعه ، ولا يملكه المحرم وإن أحل ، إلا بأن يحدث له تملكا بعد إحلاله .
برهان ذلك - : أن الله تعالى قال : {
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } .
[ ص: 282 ]
وقال : {
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } .
فقالت طائفة : هاتان الآيتان على عمومهما ، والشيء المتصيد هو المحرم ملكه وذبحه وأكله كيف كان ؟ فحرموا على المحرم أكل كل شيء من لحم الصيد جملة وإن صاده لنفسه حلال وإن ذبحه الحلال .
وحرموا عليه ذبح شيء منه ، وإن كان قد ملكه قبل إحرامه ، وأوجبوا على من أحرم وفي داره صيد أو في يده ، أو معه في قفص أن يطلقه ، وأسقطوا عنه ملكه ألبتة ، ولم يبيحوا لأحد من سكان
مكة والمدينة أكل شيء من لحم الصيد ، أو تملكه ، أو ذبحه .
وقالت طائفة : قول الله تعالى : {
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } إنما أراد الله تعالى الفعل الذي هو التصيد لا الشيء المتصيد - وهو مصدر صاد يصيد صيدا - فإنما حرم عليه صيده لما يتصيد فقط .
وقالوا : قوله تعالى : {
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } هو التصيد أيضا نفسه المحرم في الآية الأخرى .
واستدلت هذه الطائفة على ما قالته بقول الله تعالى : {
وإذا حللتم فاصطادوا } قالوا : فالذي أباحه الله تعالى لنا بالإحلال هو بلا شك المحرم علينا بالإحرام لا غيره .
وقالوا : لا يطلق في اللغة اسم الصيد إلا على ما كان في البرية وحشيا غير متملك فإذا تملك لم يقع عليه اسم صيد بعد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذان القولان هما اللذان لا يجوز أن يفهم من الآية غيرهما وكل ما عداهما فقول فاسد متناقض لا يدل على صحته دليل أصلا فوجب أن ننظر في أي القولين يقوم على صحته البرهان - : فوجدنا أهل المقالة الأولى يحتجون بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن
الصعب بن جثامة الليثي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49757أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش فرده عليه ، وقال : إنا حرم لا نأكل الصيد } .
[ ص: 283 ]
وروي هذا الحديث أيضا بلفظ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49758أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحش فرده عليه وقال : لولا أنا محرمون لقبلناه منك } .
روينا اللفظ الأول : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : عن
الصعب بن جثامة .
واللفظ الثاني : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أهدى
الصعب بن جثامة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حدثني
زهير بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى هو ابن سعيد القطان - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
الحسن بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم أخبره {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49759أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي له عضو من لحم صيد فرده وقال : إنا لا نأكله إنا حرم } .
وهذان خبران رويناهما من طرق كلها صحاح - وهذا قول روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - وبه يقول
أبو بكر بن داود - : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : أهدي إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ظبي مذبوحة
بمكة فلم يقبلها ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يكره للمحرم أن يأكل من لحم الصيد على كل حال - : فنظرنا فيما احتجت به الطائفة الأخرى - : فوجدناهم يحتجون بما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
ابن أبي عمر نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان هو ابن عيينة - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان قال : سمعت
أبا محمد مولى أبي قتادة يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49760خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالقاحة فمنا المحرم ومنا غير المحرم إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئا فنظرت فإذا حمار وحش فأسرجت فرسي وأخذت رمحي ثم ركبت فسقط مني سوطي فقلت لأصحابي : ناولوني سوطي وكانوا محرمين فقالوا : لا والله لا نعينك عليه [ ص: 284 ] بشيء فنزلت فتناولته ; ثم ركبت فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة فطعنته برمح فعقرته فأتيت به أصحابي فقال بعضهم : كلوه ، وقال بعضهم : لا تأكلوه ، وكان النبي عليه السلام أمامنا فحركت فرسي فأدركته فقال : هو حلال فكلوه } .
أبو محمد مولى أبي قتادة ثقة اسمه
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع روى عنه
أبو النضر وغيره .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
أحمد بن عبدة الضبي نا
فضيل بن سليمان النميري نا
nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم عن
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49761أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم محرمون وأبو قتادة محل } فذكر الحديث وفيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49762هل معكم منه شيء ؟ قالوا : معنا رجله فأخذها رسول الله عليه السلام فأكلها } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حدثني
زهير بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى هو ابن سعيد القطان - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن
معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أبيه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49763كنا مع nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ، ونحن حرم فأهدي لنا طير nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة راقد ، فمنا من تورع ، ومنا من أكل فلما استيقظ nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة وفق من أكله ، وقال : أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
ابن الهاد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم التيمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16745عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن
عمير بن سلمة الضمري قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49764بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروحاء وهم حرم إذا حمار معقور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فيوشك صاحبه أن يأتي فجاء رجل من بهز هو الذي عقر الحمار فقال : يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار ، فأمر عليه السلام أبا بكر فقسمه بين الناس } .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة كما ذكرنا ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يحدث أباه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قال : سألني قوم محرمون عن محلين أهدوا لهم صيدا ؟ قال : فأمرتهم بأكله ، ثم لقيت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فأخبرته ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعتك .
[ ص: 285 ]
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17408يوسف بن ماهك أنه سمع
عبد الله بن أبي عمار قال : أقبلنا مع
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل محرمين بعمرة من
بيت المقدس وأميرنا
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل فأتى رجل بحمار وحش قد عقره فابتاعه
كعب بن مسلم فجاء
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ والقدور تغلي به ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : لا يطيعني أحد إلا أكفأ قدره فأكفأ القوم قدورهم فلما وافوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قص عليه
كعب قصة الحمار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ما بأس ذلك ؟ ومن نهى عن ذلك ؟ لعلك أفتيت بذلك يا
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ؟ قال : نعم - فلامه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وهو أيضا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، وغيرهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فكانت هذه الأخبار والتي قبلها صحاحا كلها ، فالواجب في ذلك الأخذ بجميعها واستعمالها كما هي دون أن يزاد في شيء منها ما ليس فيه ، فيقع فاعل ذلك في الكذب ، فنظرنا في هذه الأخبار فوجدنا فيها إباحة أكل ما صاده الحلال للمحرم .
ثم نظرنا في التي قبلها فوجدناها ليس فيها نهي المحرم عن أكل ما صاده المحل أصلا وإنما فيها قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49765إنا لا نأكله إنا حرم ، ولولا أننا محرمون لقبلناه } فإنما فيه رد الصيد على مهديه ، لأنهم حرم وترك أكله لأنهم حرم ; وهذا فعل منه عليه السلام وليس أمرا ، وإنما الواجب أمره وإنما في فعله الائتساء به فقط .
وهذا مثل قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1833أما أنا فلا آكل متكئا } .
وتركه أكل الضب - فلم يحرم بذلك الأكل متكئا لكن هو الأفضل .
ولم يحرم أيضا أكل المحرم الصيد يصيده المحل بقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49759إنا لا نأكله إنا حرم } لكن كان ترك أكله أفضل .
وهكذا روي عن
عائشة ولا حرج في أكله أصلا ولا كراهة لأنه عليه السلام قد أباحه وأكله أيضا ، فمرة أكله ، ومرة لم يأكله ، ومرة قبله ، ومرة لم يقبله - فكل ذلك حسن مباح .
وهكذا القول في الحديث الذي فيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49766أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيض نعام وتتمير وحش فقال : أطعمه أهلك فإنا حرم } لو صح فكيف ولا يصح ؟ فإذ لا شك في هذا فقد
[ ص: 286 ] صح أن قول الله تعالى : {
وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } إنما أراد به التصيد في البر فقط .
وصح أن قوله تعالى : {
لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } نهي عن قتله في حال كون المرء حرما ، والذكاة ليست قتلا بلا خلاف في الشريعة ، والقتل ليس ذكاة ، فصح أنه لم ينه عن تذكيته ، وإذا ثبت هذا فلم يأت النص بنهي عن تملك الصيد بغير التصيد فهو حلال .
وبرهان قاطع - : وهو أن النبي عليه السلام سكن
المدينة إلى أن مات ، وهي حرم
كمكة سواء سواء وأصحابه بعده ، ولم يزل عليه السلام يهدى له الصيد ولأصحابه ويدخل به
المدينة حيا فيبتاع ويذبح ويؤكل ويتملك ، ومذكى فيباع ويؤكل ، هذا أمر لا يقدر على إنكاره أحد جيلا بعد جيل ، وكذلك
بمكة وهي حرم - : حدثنا
يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
أحمد بن زهير بن حرب هو ابن أبي خيثمة - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر نا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند يحدث
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة أن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء يكره ما أدخل من الصيد من الحل أن يذبح في الحرام ، فقال
هشام : وما علم
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، ومن يأخذ عن
ابن رباح كان أمير المؤمنين
بمكة - يعني عمه
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير - تسع سنين يراها في الأقفاص وأصحاب رسول الله عليه السلام يقدمون بها القماري واليعاقيب لا ينهون عن ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ما لم يمنع منه
الحرم لم يمنع منه الإحرام إذ لم يفرق بين ذلك النص أصلا فارتفع الإشكال - وبالله تعالى التوفيق - إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قال : من
أحرم وفي منزله صيد أو معه في قفص لم يلزمه إرساله فإن كان في يده لزمه إرساله فإن وجده بعد إحلاله في يد إنسان قد أخذه كان له ارتجاعه وانتزاعه من الذي هو بيده ، وهذا تخليط ناهيك به ، ولئن كان يسقط ملكه عنه بإحرامه فما له أن يأخذه ممن ملكه ولا سبيل إلى عودة ملكه عليه بعد سقوطه إلا ببرهان ، وإن كان ملكه لم يسقط عنه بإحرامه فلا يلزمه إرساله .
وقال أيضا : إن صاد محل صيدا فأدخله حرم
مكة حيا فعليه أن يرسله فإن باعه
[ ص: 287 ] فسخ بيعه ، فإن باعه ممن يذبحه أو ذبحه فعليه الجزاء - وهذا تخليط وتناقض لما ذكرنا قبل .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد لا بأس أن يدخل الصيد في الحرم حيا - ثم يذبح .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
وعمرو بن دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير أيضا مثل هذا .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن كيسان قال : رأيت الصيد يباع
بمكة حيا في إمارة
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا فرق بين من كان في
الحرم ، وبين المحرم في الحل
والحرم ، لأن كليهما يقع عليه اسم حرم - وبالله تعالى التوفيق - فإذ قد صح هذا فالواجب فيمن قتل صيدا متملكا وهو محرم أو في الحرم أن يؤدي لصاحبه صيدا مثله يبتاعه له أو قيمته إن لم يوجد مثله ، ولا جزاء فيه ولا يؤكل الذي قتل لأنه ميتة ، إذ قتله بغير إذن صاحبه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وها هنا قولان آخران ، أحدهما : قوم قالوا : لحم الصيد حلال للمحرم ما لم يصده هو أو يصد له ، واحتجوا بما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49767عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حمار وحش فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه للنبي عليه السلام وذكرت أني لم أكن أحرمت فأمر أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له } .
وبما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو عن
المطلب بن حنطب عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49768صيد البر لكم حلال وأنتم حرم إلا ما اصطدتم وصيد لكم } .
فروينا هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وأنه أتي بصيد وهو وأصحابه محرمون فأمرهم بأكله ولم يأكله هو فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : يا عجبا لك تأمرنا أن نأكل مما لست آكلا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : إني أظن إنما صيد من أجلي ، فأكلوا ولم يأكل - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما خبر
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فساقط ، لأنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو وهو ضعيف . وأما خبر
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة فإن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمرا رواه كما ذكرنا . ورواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية بن سلام ،
nindex.php?page=showalam&ids=17235وهشام الدستوائي كلاهما يقول
[ ص: 288 ] فيه : عن
يحيى حدثني
عبد الله بن أبي قتادة ، ولا يذكران ما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، ولم يذكر فيه
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر سماع
يحيى له من
عبد الله بن أبي قتادة .
ورواه أيضا :
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن عبد الله بن موهب عن
عبد الله بن أبي قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى فلم يذكر فيه ما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر .
ورواه أيضا :
أبو محمد مولى أبي قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة - فلم يذكر فيه ما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=11973أبو حازم عن
عبد الله بن أبي قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة فذكر : أن رسول الله عليه السلام أكل منه .
فلا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه - : إما أن تغلب رواية الجماعة على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر لا سيما وفيهم من يذكر سماع
يحيى من
ابن أبي قتادة ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمرا .
وتسقط رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير جملة لأنه اضطرب عليه ويؤخذ برواية
nindex.php?page=showalam&ids=11973أبي حازم ،
وأبي محمد ،
وابن موهب ، الذين لم يضطرب عليهم لأنه لا يشك ذو حس أن إحدى الروايتين وهم .
إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه عليه السلام أكل منه ، وتصح الرواية في أنه عليه السلام لم يأكل منه ، وهي قصة واحدة في وقت واحد ، في مكان واحد في صيد واحد ، ويؤخذ بالزائد وهو الحق الذي لا يجوز تعديه ؟ فنظرنا في ذلك - : فوجدنا من روى عن
عبد الله بن أبي قتادة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49769أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل منه } قد أثبت خبرا وزاد علما على ما روي عنه أنه عليه السلام لم يأكل منه ، فوجب الأخذ بالزائد ولا بد وترك رواية من لم يثبت ما أثبته غيره - وبالله تعالى التوفيق .
وأما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان فإننا روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن
أبا النضر مولى عمر بن عبيد الله حدثه أن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد أخبره أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته ، ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير كلمه ، فقال : ما أدري ما هذا يصاد لنا ومن أجلنا ؟ لو تركناه ؟ فتركه .
فصح أنه رأي من
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ، واستحسان ، لا منع ، ولا عن أثر عندهما ،
[ ص: 289 ] ومثل هذا لا تقوم به حجة ، ولا يشك أحد في أن
nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة لم يصد الحمار إلا لنفسه وأصحابه وهم محرمون فلم يمنعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكله فسقط هذا القول .
وقول آخر : وهو أنه حلال للمحرم ما صاده الحلال ما لم يشر له إليه أو يأمره بصيده واحتج هؤلاء بما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أنا
nindex.php?page=showalam&ids=13585عثمان بن عبد الله بن موهب قال : سمعت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49770عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه : أنهم كانوا في مسير لهم بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم فرأيت حمار وحش فركبت فرسي وأخذت رمحي فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني فاختلست سوطا من بعضهم وشددت على الحمار فأصبته فأكلوا منه فأشفقوا منه ، فسئل عن ذلك رسول الله عليه السلام ؟ فقال : هل أشرتم أو أعنتم ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوه } .
ومن طريق
أبي عوانة عن
عبد الله بن عثمان بن موهب عن
ابن أبي قتادة عن أبيه بمثله إلا أنه قال : هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء ؟ قالوا : لا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لأننا لا ندري ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قال له : نعم ؟ إلا أن اليقين عندنا أن كل ما لم يقله عليه السلام ولا حكم به فإنه غير لازم ولا تؤخذ الديانة بالتكهن ، ونحن على يقين من أنه لو لزم بإشارتهم إليه ، أو أمرهم إياه ، أو عونهم له حكم تحريم لبينه عليه السلام ، فإذ لم يفعل فلا حكم لذلك .
وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء في محرم كان
بمكة فاشترى حجلة فأمر محلا بذبحها أنه لا شيء عليه - وبالله تعالى التوفيق .