902 مسألة :
ومن
نذر أن يمشي إلى مكة أو إلى عرفة أو إلى منى أو إلى مكان ذكره من الحرم على سبيل التقرب إلى الله - عز وجل - أو الشكر له - تعالى - لا على سبيل اليمين ففرض عليه المشي إلى حيث نذر للصلاة هنالك ، أو الطواف
بالبيت فقط - ولا يلزمه أن يحج ، ولا أن يعتمر إلا أن ينذر ذلك وإلا فلا .
[ ص: 303 ] فإن
شق عليه المشي إلى حيث نذر من ذلك فليركب ولا شيء عليه ; فإن ركب الطريق كله لغير مشقة في طريق فعليه هدي ولا يعوض منه صياما ولا إطعاما .
فإن
نذر أن يحج ماشيا فليمش من الميقات حتى يتم حجه .
ومن نذر أن يركب في ذلك فعليه أن يركب ولا بد لقول الله - تعالى - : {
يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } فالمشي والركوب إلى كل ما ذكرنا طاعة لله - عز وجل - .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
طلحة بن عبد الملك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين قالت : قال رسول الله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37478من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه } .
وقال - تعالى - {
: يوفون بالنذر } وقال - تعالى - {
: أوفوا بالعقود } فإنما أمر - تعالى - بالوفاء بعقود الطاعة لا بعقود المعاصي .
وقال قوم : لا يمشي إلا في حج ، أو عمرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا خطأ ; لأنه إلزام ما لم ينذره على نفسه بغير قرآن ، ولا سنة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن نذر المشي إلى المسجد ، أو إلى
الكعبة ، أو إلى
الحرم لزمه ، فإن نذر إلى
عرفة ، أو إلى
مزدلفة ، أو
منى ، أو
الصفا والمروة لم يلزمه - وهذا تقسيم بلا برهان .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
محمد بن سلام نا
الفزاري عن
حميد الطويل أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت هو البناني - عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49776عن النبي عليه السلام : أنه رأى شيخا يهادي بين بنيه فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي قال : إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه ، وأمره [ ص: 304 ] أن يركب } فلم يوجب عليه النبي عليه السلام شيئا لركوبه .
وقال - تعالى - {
: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فمن ليس المشي في وسعه فلم يكلفه الله - تعالى - المشي ، وكان نذره لما ليس في وسعه معصية لا يجوز له الوفاء بها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي :
الفزاري هذا هو أبو إسحاق - أو
مروان بن معاوية ، وكلاهما ثقة إمام .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=12396إبراهيم بن موسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=17248هشام بن يوسف أن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15986سعيد بن أبي أيوب أن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب أخبره أن
أبا الخير حدثه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49777عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله - تعالى - وأمرتني أن أستفتي لها النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتيت النبي عليه السلام ؟ فقال : لتمش ولتركب فأمرها بكلا الأمرين ولم يوجب عليها في ذلك شيئا } .
وقد علمنا ضرورة أن رسول الله عليه السلام لم يأمرها بالمشي إلا وهي قادرة عليه لقول الله - تعالى - : {
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
ومن طريق
أبي داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
أبو الوليد هو الطيالسي - نا
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام هو الدستوائي - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2368أن أخت nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت فأمرها النبي عليه السلام أن تركب وتهدي هديا } .
فهذان أمران من رسول الله عليه السلام ، أحدهما : أن تركب وتمشي دون إلزام شيء في ذلك ، والآخر : أن تركب وتهدي هديا دون مشي في ذلك - وهذا هو قولنا .
[ ص: 305 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وروينا من طريق فيها
عبيد الله بن زحر - وهو ضعيف - عن
أبي سعيد الرعيني وهو مجهول " أنه عليه السلام أمرها أن تصوم ثلاثة أيام " .
وروي أيضا مثل هذا من طريق فيها
حي بن عبد الله - وهو مجهول - ومثله من طريق فيها شريك - وهو ضعيف - نبهنا عليها لئلا يغتر بها .
وقد اعترض قوم في الحديثين اللذين أوردنا بأن قالوا : قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن
عكرمة عن
عقبة ،
وعكرمة لم يلق
عقبة ; وأوقفه بعض الناس على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خلافه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا مما يمقت الله - تعالى - عليه ; لأن المفترض بهذا من قوله : إن المرسل والمنقطع كالمسند ثم يعيب هنا مسندا صحيحا برواية من رواه منقطعا أو موقوفا إن خالف تقليده ، وهذا فعل من لا ورع له ولا صدق ولا يعترض على المسند الذي تقوم به الحجة بمثل هذا إلا جاهل ; لأنه اعتراض لا دليل على صحته ودعوى فاسدة ; لأن المسند تقوم به الحجة ، والمرسل مطرح ، وأي نقيصة على الحق من رواية آخر مما لا حجة فيه .
وأما قولهم : إنه قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خلاف ما روي من ذلك ، فإن الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس اختلفت - : فروينا عنه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : امش ما استطعت واركب واذبح ، أو تصدق - وهذا موافق لما روي إلا ذكر الصدقة فقط .
وروينا عنه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر هو ابن عبد الله المزني - أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أمر امرأة نذرت أن تحج ماشية بأن تشتري رقبة ولتمش فإذا عجزت فلتركب ولتمش الرقبة فإذا أعيت الرقبة فلتركب ولتمش الناذرة فإذا قضت حجها فلتعتقها .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي عن
أم محبة أنها نذرت أن تمشي إلى
الكعبة فمشت حتى أعيت فركبت ، ثم أتت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فسألته ؟ فقال : أتستطيعين أن تحجي قابلا وتركبي حتى تنتهي إلى المكان الذي ركبت فيه فتمشي ما
[ ص: 306 ] ركبت ؟ قالت : لا ، قال : ألك ابنة تمشي عنك ؟ قالت : لي ابنتان هما في أنفسهما أعظم من ذلك ; قال : فاستغفري الله وتوبي إليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذه
أم محبة التي عولوا على روايتها في بيع العبد من
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم إلى أجل بثمانمائة وابتياعها إياه منه بستمائة درهم ، فمرة يقلدون روايتها حيث اشتهوا ، ومرة يطرحونها ; والحجة إنما هي في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا في رأيه وقد يهم وينسى ، وقد ذكرنا ما أخذوا به مما رواه الصاحب وخالفه كرواية
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تحريم الرضاع بلبن الفحل ، ثم كانت لا تدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : من نذر أن يمشي إلى بيت الله فليركب وليهد هديا - .
وروينا عنه أيضا يهدي بدنة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : يمشي فإذا أعيا يركب ويعود من قابل فيركب ما مشى ويمشي ما ركب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يمشي فإن ركب فليهد شاة فما فوقها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عنه : يمشي ، فإن عجز ركب وأهدى شاة فما فوقها - وروى عنه
ابن القاسم أنه يمشي فإذا أعيا ركب ويعرف الموضع الذي ركب منه فإذا كان من قابل رجع فمشى ما ركب وركب ما مشى فإن كان ركوبه يوما فأقل لم يرجع لذلك ولكن عليه الهدي ، فإن ركب من
مكة إلى
منى إلى
عرفة إلى
مزدلفة إلى
منى إلى
مكة رجع من قابل فمشى كل ذلك بخلاف الركوب يوما في الطريق وعليه مع ذلك هدي - فإن كان شيخا كبيرا مشى ولو نصف ميل ; ثم ركب ويهدي ولا يرجع ثانية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يمشي فإن أعيا ركب وعليه هدي غير واجب ، ولكن احتياطا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة كقولنا : إن عجز ركب ولا شيء عليه .
فأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فتقسيم لا يعرف عن أحد من المتقدمين قبله ، وخلاف لكل ما روي في ذلك عن الصحابة ، وقول لا دليل على صحته .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء فيمن جعل على نفسه المشي إلى
البيت قال : يمشي من حيث نوى فإن لم ينو شيئا فليركب فإذا دخل
الحرم مشى إلى
البيت [ ص: 307 ]
903 - مسألة :
فإن
نذر أن يحج ماشيا ، أو يعتمر ماشيا فكما ذكرنا ولا يلزمه المشي إلا مذ يحرم إلى أن يتم مناسك عمله ; لأن هذا هو الحج ، فإن
نذر المشي إلى مكة فكما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : من حيث نوى ، فإن لم ينو فليمش ما يقع عليه اسم مشي وليركب غير ذلك ولا شيء عليه ; لأنه قد أوفى بما نذر - وبالله - تعالى - التوفيق .