931 - مسألة :
ولا يملك أهل الكفر الحربيون مال مسلم ، ولا مال ذمي أبدا إلا بالابتياع الصحيح ، أو الهبة الصحيحة ، أو بميراث من ذمي كافر ، أو بمعاملة
[ ص: 353 ] صحيحة في دين الإسلام ، فكل ما غنموه من مال ذمي أو مسلم ، أو آبق إليهم ، فهو باق على ملك صاحبه ، فمتى قدر عليه رد على صاحبه قبل القسمة وبعدها ، دخلوا به أرض الحرب ، أو لم يدخلوا ولا يكلف مالكه عوضا ولا ثمنا ، لكن يعوض الأمير من كان صار في سهمه من كل مال لجماعة المسلمين ، ولا ينفذ فيه عتق من وقع في سهمه ، ولا صدقته ، ولا هبته ، ولا بيعه ، ولا تكون له الأمة أم ولد ، وحكمه حكم الشيء الذي يغصبه المسلم من المسلم ، ولا فرق .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان - ولمن سلف أقوال ثلاثة سوى هذا .
أحدها : - أنه لا يرد شيء من ذلك إلى صاحبه لا قبل القسمة ، ولا بعدها ، لا بثمن ، ولا بغير ثمن ، وهو لمن صار في سهمه .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : ما أحرزه العدو من أموال المسلمين فهو بمنزلة أموالهم .
وكان
الحسن البصري يقضي بذلك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أن مكاتبا أسره العدو فاشتراه رجل فسأل
بكر بن قرواش عنه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : إن افتكه سيده فهو على كتابته ، وإن أبى أن يفتكه فهو للذي اشتراه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
خلاس عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : ما أحرزه العدو فهو جائز .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : هو فيء المسلمين لا يرد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري : ما أحرزه المشركون ثم أصابه المسلمون فهو لهم ما لم يكن حرا أو معاهدا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن رجل عن
الحسن مثل هذا .
والقول الثاني - أنه إن أدرك قبل القسمة رد إلى صاحبه ، فإن لم يدرك حتى قسم فهو للذي وقع في سهمه لا يرد إلى صاحبه لا بثمن ، ولا بغيره . هكذا رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر نصا من طريق
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15889رجاء بن حيوة عن
قبيصة بن ذؤيب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : ما أحرز المشركون من
[ ص: 354 ] أموال المسلمين فوجد رجل ماله بعينه قبل أن تقسم السهام فهو أحق به ، وإن كان قسم فلا شيء له .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن
ثور عن
أبي عون عن
زهرة بن يزيد المرادي أن
أمة لرجل مسلم أبقت إلى العدو فغنمها المسلمون فعرفها أهلها فكتب فيها
nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إن كانت لم تخمس ولم تقسم فهي رد على أهلها ، وإن كانت قد خمست وقسمت فأمضها لسبيلها .
وروي نحوه أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة عن
أبي إسحاق عن
سليمان بن ربيعة فيما أحرز العدو ، قال : صاحبه أحق به ما لم يقسم .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
المغيرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس قال
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن
الحسن ، قالا جميعا :
ما غنمه العدو من مال المسلمين فغنمه المسلمون فصاحبه أحق به ، فإن قسم فقد مضى .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد عن أبيه هذا القول عن
القاسم بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=16523وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،
وأبي بكر بن عبد الرحمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار في مشيخة من نظرائهم ، وقالوا : ما غنم العدو من المسلمين ثم غنمه المسلمون فصاحبه أحق به ما لم يقع فيه السهمان فإذا قسم فلا سبيل له إليه . وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا ، وأخبر
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه رأي منه . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل .
والقول الثالث -
أنه إن أدرك قبل القسمة رد إلى صاحبه بغير ثمن ، وإن لم يدرك إلا بعد القسمة فصاحبه أحق به بقيمته - : رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16956محمد بن راشد عن
مكحول عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . ومن طريق
سفيان عن
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
فالقول الأول -
لا يرد ما أخذه المشركون من أموالنا إلى أربابها ، لا قبل أن
[ ص: 355 ] تقسم ولا بعد أن تقسم ، لا بثمن ولا بغيره ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وصح عن
الحسن ،
والزهري ،
وعمرو بن دينار .
ولم يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي لأنه من طريق
سليمان التيمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ولم يدركاه ، ورواية
خلاس عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي صحيحة إلا أنه لا بيان فيها إنما هي ما أحرزه العدو فهو جائز ولا ندري ما معنى : فهو جائز ، ولعله أراد : أنه جائز لأصحابه إذا ظفر به .
والقول الثاني -
أنه يرد إلى أصحابه قبل القسمة ، ولا يرد بعد القسمة ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=5وأبي عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ; ولا يصح عن أحد منهم ، لأنه عن
قبيصة بن ذؤيب ولم يدرك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ومن طريق
أبي عون ، أو
ابن عون ، ولم يدركا
أبا عبيدة ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ولا ندري من رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت - وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523فقهاء المدينة السبعة ، ولا يصح عنهم ، لأنه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد هو ضعيف - وعن
سليمان بن ربيعة ، ولم يصح عنه لأنه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة . وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم [
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ]
والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء .
والقول الثالث -
أنه إن أدرك قبل القسمة رد إلى صاحبه بغير ثمن ، وإن لم يدرك إلا بعد القسمة فصاحبه أحق به بقيمته روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولم يصح عنه ، لأنه من رواية
مكحول ، ولم يدرك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
والأوزاعي .
ومن قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن الآبق والمغنوم سواء في ذلك ، وإن المدبر ، والمكاتب ، وأم الولد سواء في ذلك ، إلا أن سيد أم الولد يجبر على أن يفكها .
وها هنا قول خامس - لا يعرف عن أحد من السلف ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - ولا يحفظ أن أحدا قاله قبله ، وهو أن ما أبق إلى المشركين من عبد لمسلم فإنه مردود إلى صاحبه قبل القسمة ، وبعدها بلا ثمن ، وكذلك ما غنموه من مدبر ، ومكاتب ، وأم ولد ، ولا فرق . ووافقه في هذا
سفيان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : وأما ما غنموه من الإماء ، والعبيد ، والحيوان ، والمتاع ، فإن أدرك قبل أن يدخلوا به دار الحرب ثم غنمناه رد إلى صاحبه قبل القسمة وبعدها بلا
[ ص: 356 ] ثمن . وإن دخلوا به دار الحرب ثم غنمناه رد إلى صاحبه قبل القسمة وأما بعد القسمة فصاحبه أحق به بالقيمة إن شاء ; وإلا فلا يرد إليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا قول في غاية التخليط والفساد في التقسيم ، لا دليل على صحة تقسيمه لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا من قول صاحب ، ولا تابع ، ولا قياس ، ولا رأي سديد .
وقال بعضهم : إنما يملكون علينا ما يملكه بعضنا على بعض . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وصدق هذا القائل ولا يملك بعضنا على بعض مالا بالباطل ، ولا بالغصب أصلا ، ولا باطل ، ولا غصب أحرم ولا أبطل من أخذ حربي مال مسلم - فسقط هذا القول الفاسد جملة
ثم نظرنا في سائر الأقوال . فنظرنا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فوجدناهم إن تعلقوا بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ; فقد عارضته رواية أخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هي عنه أمثل من التي تعلقوا بها - وأخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي هي مثل التي تعلقوا بها ، فما الذي جعل بعض هذه الروايات أحق من بعض ؟ وقال بعضهم : معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الرواية الأخرى : فلا شيء له وأمضها لسبيلها - أي إلا بالثمن . فقلنا : ما يعجز من لا دين له عن الكذب ; ويقال لكم : معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إنه أحق بها بالقيمة - أي إن تراضيا جميعا على ذلك ، وإلا فلا ; فما الفرق بين كذب وكذب ؟ ثم وجدناهم يحتجون بخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة وغيره عن
سماك بن حرب عن
تميم بن طرفة : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49847أن عثمان اشترى بعيرا من العدو فعرفه صاحبه فخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أعطيته الثمن الذي اشتراه به وهو لك ، وإلا فهو له } وهذا منقطع لا حجة فيه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16052وسماك ضعيف يقبل التلقين ، شهد به عليه
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، وغيره - وأسنده
ياسين الزيات عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن
تميم بن طرفة عن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة .
وياسين لا تحل الرواية عنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16052وسماك قد ذكرناه .
ورواه بعض الناس عن
إبراهيم بن محمد الهمذاني أو الأنباري عن
زياد بن علاقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة مسندا ،
وإبراهيم بن محمد الأنباري أو الهمذاني لا يدري أحد من هو في الخلق ؟
[ ص: 357 ] وأسنده أيضا
الحسن بن عمارة nindex.php?page=showalam&ids=12434وإسماعيل بن عياش كلاهما : عن
عبد الملك بن ميسرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بعير أحرزه العدو ، ثم غلب عليه المسلمون إن وجدته قبل القسمة فأنت أحق به بغير شيء ، وإن وجدته بعد القسمة فأنت أحق به بالثمن إن شئت }
والحسن بن عمارة هالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12434وإسماعيل بن عياش ضعيف .
ورواه بعض الناس من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : نا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : عن
nindex.php?page=showalam&ids=12408إسحاق الأزرق ، ثم اتفق
يحيى وإسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر عن
عبد الملك بن ميسرة ; وهذا منقطع غير مسند ، على أن الطريق إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد تالفة ، ولا يعرف هذا الخبر في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان الصحيح عنه أصلا ، فإن لجوا وقالوا : المرسل حجة - ورواية
الحسن بن عمارة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12434وإسماعيل بن عياش حجة . قلنا : لا عليكم
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أخبرني
عكرمة بن خالد قال : أخبرني
أسيد بن ظهير الأنصاري وكان والي
اليمامة أيام
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49849أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في السرقة : إن كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم يخير سيدها إن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنه وإن شاء اتبع سارقه } ثم قضى بذلك بعده :
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان - وقضى به
أسيد بن ظهير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد قضى به أيضا :
عميرة بن يثرى قاضي
البصرة nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر - وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه . فهذا خبر أحسن من خبركم وأقوم ، وهو في معناه فخذوا به وإلا فأنتم متلاعبون .
وأما نحن فتركناه ، لأن
عكرمة بن خالد ليس بالقوي ، وعلى كل حال ، فهو والله بلا خلاف من أحد أشبه من
ياسين والحسن بن عمارة nindex.php?page=showalam&ids=12434وإسماعيل بن عياش ، وما هو بدون
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك أصلا .
والعجب كل العجب أن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ردوا حديث " من
وجد سلعته بعينها عند مفلس فهو أحق من الغرماء " وهذا حديث ثابت صحيح .
فإن قالوا : هذا خلاف الأصول ولا يخلو المفلس من أن يكون [ كان ] قد
[ ص: 358 ] ملكها أو لم يكن ملكها ; فإن كان لم يملكها فأنتم لا تقولون بهذا ; وإن كان قد ملكها فلا حق لبائعها فيما قد ملكه منه المشتري باختياره وتركوا هذا الاعتراض بعينه هنا وأخذوا بخبر مكذوب مخالف للأصول وللقرآن وللسنن لأنه لا يخلو الحربيون من أن يكونوا ملكوا ما أخذوا منا أو لم يملكوه ، فإن كانوا لم يملكوه فهذا قولنا وهو خلاف قولهم ، والواجب أن يرد إلى مالكه بكل حال قبل القسمة وبعدها بلا ثمن يكلفه ، وإن كانوا قد ملكوه فلا سبيل للذي أخذ منه عليه لا بثمن ولا بغير ثمن لا قبل القسمة ولا بعد القسمة ، لأنه كسائر الغنيمة ولا فرق ; فأي عجب أعجب من هذا
وأيضا : فإنه لا يخلو الذي وقع في سهمه من أن يكون ملكه أو لم يملكه ، فإن كان لم يملكه فهو قولنا والواجب رده إلى مالكه .
وإن قالوا : بل ملكه . قلنا : فما يحل إخراج ملكه عن يده بغير طيب نفس منه لا بثمن ولا بغير ثمن ; فهل سمع بأبين فساد من هذه الأقوال الفاسدة والتناقض الفاحش والتحكم في دين الله تعالى وفي أموال الناس بالباطل الذي لا خفاء به ؟ فسقط هذا القول جملة ; إذ لم يصح فيه أثر ولا صححه نظر .
وأما قول من قال : يرد قبل القسمة ولا يرد بعدها . فقول أيضا لا يقوم على صحته دليل أصلا ، لا من نص ولا من رواية ضعيفة ، ولا من نظر ، ولا من وجه من الوجوه .
وأما قول من قال : لا يرد قبل القسمة ولا بعدها فهو أقلها تناقضا ; وعمدتهم أن أهل الحرب قد ملكوا ما أخذوا منا ; ولو صح لهم هذا الأصل لكان قولهم هو الحق ، لكن نقول لهم : قال الله تعالى : {
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } ، وقال عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35356ليس لعرق ظالم حق } ، وقال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .
فأخبرونا عما أخذه منا أهل الحرب أبحق أخذوه أم بباطل ؟ وهل أموالنا مما أحله الله تعالى لهم أو مما حرمه عليهم ؟ وهل هم ظالمون في ذلك أو غير ظالمين ؟
[ ص: 359 ] وهل عملوا من ذلك عملا موافقا لأمر الله تعالى وأمر نبيه عليه السلام ، أو عملا مخالفا لأمره تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يلزمهم دين الإسلام ويخلدون في النار لخلافهم له أم لا ؟ ولا بد من أحدها . فالقول بأنهم أخذوه بحق أنه مما أحله الله تعالى لهم وأنهم غير ظالمين في ذلك ، وأنهم لم يعملوا بذلك عملا مخالفا لأمر الله تعالى وأمر رسوله عليه السلام ، وأنه لا يلزمهم دين الإسلام : كفر صراح براح لا مرية فيه ، فسقط هذا القول ، وإذ قد سقط فلم يبق إلا الآخر ، وهو الحق اليقين من أنهم إنما أخذوه بالباطل وأخذوا حراما عليهم ، وهم في ذلك أظلم الظالمين ، وأنهم عملوا بذلك عملا ليس عليه أمر الله تعالى : وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وأن التزام دين الإسلام فرض عليهم .
فإذ لا شك في هذا فأخذهم لما أخذوا باطل مردود ، وظلم مفسوخ ولا حق لهم ولا لأحد يشبههم فيه ; فهو على ملك مالكه أبدا . وهذا أمر ما ندري كيف يخفى على أحد ، وقد أجمع الحاضرون من المخالفين على أنهم لا يملكون أحرارنا أصلا ، وأنهم مسرحون قبل القسمة وبعدها بلا تكليف ثمن ، فأي فرق بين تملك الحر ، وبين تملك المال بالظلم والباطل لو أنصفوا أنفسهم ؟ وقد اتفقوا على أن المسلم لا يملك على المسلم بالغصب ، فكيف وقعت لهم هذه العناية بالكفار في ذلك مع عظيم تناقضهم في أنهم يملكون علينا لا يملكون علينا ؟ وقد قال بعضهم عظيمة دلت على فساد دينه ، وهو أنه قال : هو جور ينفذ ، ونظره بمفضل بعض ولده على بعض - فحصل هذا الجاهل على الكذب والكفر
وهو أنه نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنفذ تفضيل
بشير لبعض ولده على بعض - وقد كذب في ذلك ; بل أمره عليه السلام برده نصا .
ثم نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنفذ الجور وأمضاه ، وهذا كفر من قائله - ونعوذ بالله من الخذلان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فسقطت هذه الأقوال كلها .
[ ص: 360 ] وقد قلنا : إنه ليس منها قول يصح عن أحد من الصحابة وإنما صحت عن بعض التابعين فقط ، والخطأ لم يعصم منه أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
فإذ سقطت كلها ، فلم يبق إلا قولنا وهو الحق الذي لا يحل خلافه بما ذكرنا آنفا من أنهم لا يحل لهم شيء من أموالنا إلا بما أحله الله تعالى فيما يشاء من بعضنا لبعض قال تعالى : {
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } ثم هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روينا من طريق
أبي داود نا
صالح بن سهيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى يعني ابن أبي زائدة - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49850إن غلاما أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ولم يقسم } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : منع النبي صلى الله عليه وسلم من قسمته برهان بأنه لا يجوز قسمته وأنه لا حق فيه للغانمين ، ولو كان لهم فيه حق لقسمه عليه السلام فيهم . ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا مولى ابن عمر يزعم أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ذهب العدو بفرسه فلما هزم العدو وجد
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فرسه فرده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر .
وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : أبق لي غلام يوم
اليرموك ، ثم ظهر عليه المسلمون فردوه إلي .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
شريك عن
الركين عن أبيه أو عمه قال : حبس لي فرس فأخذه العدو فظهر عليه المسلمون فوجدته في مربط
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد فقلت : فرسي . فقال : بينتك ، فقلت : أنا أدعوه فيحمحم . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : إن أجابك فإنا لا نريد منك بينة - فهذا ليس إلا بعد القسمة ، فهذا فعل المسلمين ،
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : لم يفرقوا بين حال القسمة وما قبل القسمة . وروينا هذا القول عن
الحكم بن عتيبة - وبالله تعالى التوفيق