955 - مسألة :
وكل من
قتل قتيلا من المشركين فله سلبه قال ذلك الإمام ، أو لم يقله كيفما قتله صبرا ، أو في القتال ؟ ولا يخمس السلب قل ، أو كثر ، ولا يصدق إلا ببينة
[ ص: 400 ] في الحكم ، فإن لم تكن له بينة ، أو خشي أن ينتزع منه ، أو أن يخمس فله أن يغيبه ، ويخفي أمره .
والسلب : فرس المقتول ، وسرجه ، ولجامه ، وكل ما عليه من لباس ، وحلية ، ومهاميز وكل ما معه من سلاح ، وكل ما معه من مال في نطاقه أو في يده ، أو كيفما كان معه .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
ابن أفلح هو عمر بن كثير بن أفلح - عن
أبي محمد مولى أبي قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49880أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد انقضاء القتال يوم حنين : من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه } في حديث .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
أبو نعيم نا
أبو العميس هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - عن
إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49881أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اطلبوه واقتلوه ؟ قال سلمة : فقتلته ، فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه } . ومن طريق أبي
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد هو ابن زيد - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49882أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين : من قتل كافرا فله سلبه فقتل nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم } . فهذه الأحاديث توجب ما قلناه وهي منقولة نقل التواتر كما ترى . روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
سفيان عن
الأسود بن قيس العبدي : أن
بشر بن علقمة قتل يوم
القادسية عظيما من
الفرس مبارزة وأخذ سلبه فأتى به إلى
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص فقومه اثني عشر ألفا ، فنفله إياه
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد .
[ ص: 401 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع أنه ركب وحده حتى أتى باب
دمشق فخرجت إليه خيل منها فقتل منهم ثلاثة وأخذ خيلهم فأتى بها
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد وعنده عظيم
الروم فابتاع منه سرج أحدها بعشرة آلاف ونفله
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد كل ما أخذ من ذلك ، فهذا
واثلة ،
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد وسعيد بحضرة الصحابة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16354عبد الرحيم بن سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : كان السلب لا يخمس وكان أول سلب خمس في الإسلام سلب
nindex.php?page=showalam&ids=70البراء بن مالك ، وكان قتل مرزبان
الزأرة وقطع منطقته وسواريه ، فلما قدمنا
المدينة صلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الصبح ، ثم أتانا فقال : السلام عليكم أثم
nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة ؟ فقالوا : نعم ، فخرج إليه فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء مال وإني خامسه ، فدعا المقومين فقوموا ثلاثين ألفا ، فأخذ منها ستة آلاف .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا يقول : لم نزل نسمع منذ قط إذا التقى المسلمون والكفار فقتل مسلم مشركا فله سلبه إلا أن يكون في معمعة القتال فإنه لا يدرى أحد قتل أحدا - فهذا يخبر عما سلف .
فصح أنه فعل
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ومن بعده وجميع أمرائهم .
وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع يخبر : أنه لم يزل يسمع ذلك وهو قد أدرك الصحابة ، فصح أنه قول جميعهم
بالمدينة ، ولا يجوز أن يظن
nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر تعمد خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصح أنه استطاب نفس
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء .
وهذا صحيح حسن لا ننكره - وهو قول
الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15995وسعيد بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وجميع أصحاب الحديث ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد قالا : إن قتله غير ممتنع فلا يكون له سلبه - وهذا خطأ لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع الذي ذكرنا فإنه قتله غير ممتنع ، وفي غير قتال ، وأخذ سلبه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن قيل : فإن أخذتم بعموم حديثه عليه السلام في ذلك فأعطوا من قتل مسلما بحق في قود ، أو رجم ، أو محاربة ، أو بغي ، سلبه . قلنا : لولا أن الله تعالى حرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي القرآن مال المسلم لفعلنا ما
[ ص: 402 ] قلتم ; فخرج سلب المسلم بهذا عن جملة هذا الخبر ، وبقي سلب الكافر على حكم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل - عن
الأوزاعي عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال : سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن السلب ؟ فقال : لا سلب إلا من النفل وفي النفل الخمس . فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يمنع أن يكون السلب إلا نفلا ، فقول كقول من ذكرنا ، إلا أنه رأى فيه الخمس - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
وسفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : إلى أنه لا يكون السلب للقاتل إلا أن
يقول الأمير قبل القتال : من قتل قتيلا فله سلبه ، فإذا قال ذلك فهو كما قال ، ولا يخمس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا قول فاسد ; لأنهم أوهموا أنهم اتبعوا الحديث ولم يفعلوا ، بل خالفوه ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك بعد القتال ; فهذا خلاف قولهم صراحا .
وقال بعضهم : لم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يوم
حنين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فكان هذا عجبا
نعم ، فهبك أنه لم يقله عليه السلام قط إلا يومئذ ، أو قاله قبل وبعد ، أترى يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى به مرة ، أو يرونه باطلا حتى يكرر القضاء به ؟ حاشا لله من هذا الضلال ، ولا فرق بين ما قال مرة ، أو ألف ألف مرة ، كله دين ، وكله حق ، وكله حكم الله تعالى ، وكله لا يحل لأحد خلافه .
وموهوا بفعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وهم مخالفون له ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قضى بالسلب للقاتل دون أن يقول ذلك قبل القتال ، إلا أنه خمسه ولم يمانعه
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ، فصح أنه طابت به نفسه ، وهذا حسن لا ننكره .
وشغبوا أيضا بأشياء نذكرها إن شاء الله تعالى ; فموه بعض المخالفين في نصر تقليدهم بقول الله تعالى : {
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا عليهم لا لهم ; لأن الذي أمرنا بهذا هو الذي أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن السلب للقاتل ، ثم يقال لهم : فأبطلوا بهذا الدليل قولكم : إن الإمام
[ ص: 403 ] إذا قال : السلب للقاتل كان له . فقد جعلتم قول إمام لعله لا تجب طاعته حجة على الآية ، ولم تجعلوا قول الإمام الذي لا إمامة لأحد إلا بطاعته بيانا للآية ، وهذا عجب جدا ثم أعجب شيء أنهم لا يحتجون بهذه الآية على أنفسهم في قولهم : إن الأرض المغنومة لا خمس فيها ، وهذا موضع الاحتجاج بالآية حقا
وذكروا خبرا رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49883أن رجلا قتل فارسا من الروم يوم مؤتة وأخذ سلاحه وفرسه ؟ فبعث إليه nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فأخذ من السلب قال عوف : فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=22خالدا فقلت له : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرته ، قلت : لتردنه أو لأعرفنكه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يرد عليه ، قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا nindex.php?page=showalam&ids=22خالد ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله استكثرته ؟ فقال عليه السلام : يا nindex.php?page=showalam&ids=22خالد رد عليه ما أخذت منه ، قال عوف : فقلت له : دونك يا nindex.php?page=showalam&ids=22خالد ، ألم أف لك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما ذلك ؟ قال : فأخبرته فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=22خالد لا ترد عليه ، هل أنتم تاركون لي أمرائي ؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا حجة لهم في هذا ، بل هو حجة عليهم لوجوه .
أولها : أن فيه نصا جليا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل - وهذا قولنا .
وثانيها : أنه عليه السلام أمر
nindex.php?page=showalam&ids=22خالدا بالرد عليه .
وثالثها : أن في نصه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بأن لا يرد عليه ، لأنه علم أن القاتل صاحب السلب أعطاه بطيب نفس ولم يطلب
nindex.php?page=showalam&ids=22خالدا به ، وأن
عوفا يتكلم فيما لا حق له فيه وهذا هو نص الخبر .
ورابعها : أنه لو كان كما يوهمون لما كان لهم فيه حجة ، لأن يوم
حنين الذي قال فيه عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37024من قتل كافرا فله سلبه } كان بعد يوم
مؤتة ، بلا خلاف ، ويوم
حنين [ ص: 404 ] كان بعد فتح
مكة ، وقد كان قتل
جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=138وزيد بن حارثة ،
وابن رواحة رضي الله عنهم قبل فتح
مكة يوم
مؤتة ، فيوم
حنين حكمه ناسخ لما تقدم لو كان خلافه .
وموهوا أيضا بخبر قتل
أبي جهل يوم
بدر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بسلبه
لمعاذ بن عمرو بن الجموح وهو أحد قاتليه ، والثاني :
معاذ ابن عفراء ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قتله أيضا فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا حجة لهم في هذا كله ، وأين يوم
بدر من يوم
حنين وبينهما أعوام ؟ وما نزل حكم الغنائم إلا بعد يوم
بدر فكيف يكون السلب للقاتل ؟
وموهوا بخبر ساقط رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
بديل بن ميسرة عن
عبد الله بن شقيق {
عن رجل من بلقين ، قلت : يا رسول الله هل أحد أحق بشيء من المغنم من أحد ؟ قال : لا ، حتى السهم يأخذه أحدكم من جنبه فليس أحق من أخيه به } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا عن رجل مجهول لا يدرى أصدق في ادعائه الصحبة أم لا ؟ ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة لأن الخمس من جملة الغنيمة يستحقه دون أهل الغنيمة من لم يشهد الغنيمة بلا خلاف ، فالسلب مضموم إلى ذلك بالنص .
ثم يقال لهم : هلا احتججتم بهذا الخبر على أنفسكم في قولكم : إن القاتل أحق بالسلب من غيره إذا قال الإمام : من قتل قتيلا فله سلبه ؟ فكان هذا الخبر عندكم مخصوصا بقول من لا وزن له عند الله تعالى ولم تخصوه بقول من لا إيمان لكم إن لم تسلموا لأمره وقضائه ، تبا لهذه العقول المكيدة .
وموهوا بما روي من طريق
عمرو بن واقد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17184موسى بن يسار عن
مكحول عن
nindex.php?page=showalam&ids=15656جنادة بن أبي أمية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49885أن nindex.php?page=showalam&ids=200حبيب بن مسلمة قتل قتيلا فأراد أبو عبيدة أن يخمس سلبه ، فقال له حبيب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : مهلا يا حبيب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه } .
[ ص: 405 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا خبر سوء مكذوب بلا شك ، لأنه من رواية
عمرو بن واقد ، وهو منكر الحديث قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره : عن
nindex.php?page=showalam&ids=17184موسى بن يسار ، وقد تركه
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان .
وقد روينا عن
موسى هذا أنه قال : كان أصحاب رسول الله
محمد صلى الله عليه وسلم أعرابا حفاة فجئنا نحن أبناء
فارس فلخصنا هذا الدين - فانظروا بمن يحتجون على السنن الثابتة .
ثم عن
مكحول عن
جنادة -
ومكحول لم يدرك
جنادة . ثم لو صح لكان حجة عليهم ، لأنه مبطل لقولهم : إن الذي وجد الركاز له أن ينفرد بجميعه دون طيب نفس إمامه .
ثم نقول للمحتج بهذا الخبر : أرأيت إن لم تطب نفس الإمام لبعض الجيش بسهمهم من الغنيمة أيبطل بذلك حقهم ؟ إن هذا لعجيب وهم لا يقولون بهذا ; فصاروا أول مخالف لما حققوه واحتجوا به ، وهذا فعل من لا ورع له .
وقالوا : قد روي من طريق
غالب بن حجرة عن
أم عبد الله بنت الملقام بن التلب عن أبيها [ عن أبيه ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49886من أتى بمولى فله سلبه } قالوا : فقولوا بهذا أيضا " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فقلنا إنما يلزم القول بهذا من يقول بحديث
مبشر بن عبيد الحمصي لا صداق أقل من عشرة دراهم ، ومن يقول بحديث
أبي زيد مولى عمرو بن حريث في إباحة الوضوء بالخمر ، وتلك النطائح والمترديات . فهذا الخبر مضاف إلى تلك .
وأما من لا يأخذ إلا بما روى الثقة عن الثقة فليس يلزمه أن يأخذ بما رواه
غالب بن حجرة المجهول عن
أم عبد الله بنت الملقام التي لا يدرى من هي ؟ عن أبيها الذي لا يعرف ، والقوم في عمى نعوذ بالله مما ابتلاهم به ، وتالله لو صح لقلنا به ولم نجد في أنفسنا حرجا منه .
فإن ذكروا ما رويناه من طريق
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وقد قيل : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب رواه عن أبيه عن جده في سبب نزول الأنفال " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الرجل من المسلمين سلب الكافر إذا قتله ، فأمرهم أن يرد بعضهم على بعض ، قال {
اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } أي ليردن بعضكم على بعض .
[ ص: 406 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا شيء لأنها صحيفة ومرسل ، ولو صح لكان في أمر بدر وقد قلنا : إن القضاء بالسلب للقاتل كان في
حنين بعد ذلك بأعوام ستة أو نحوها .
ثم موهوا بقياسات سخيفة كلها لازم لهم وغير لازم لنا . منها : أن قالوا : لما كان الغانم ليس أحق بما غنم كان القاتل في السلب كذلك ; ولو كان السلب حقا للقاتل لكانت الأسلاب - إذا لم يعرف قاتلو أهلها - موقفة كاللقطة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : القياس باطل ، وإنما يلزم القياس من صححه ، وهم يصححونه فهو لهم لازم فليبطلوا بهاتين الأحموقتين قولهم : [ إن السلب ] للقاتل إذا قال الإمام [ قبل القتال ] : من قتل قتيلا فله سلبه - فهذا يلزمهم إذ عدلوا هذا الإلزام على أنفسهم . وأما نحن فنقول : إن كل مال لا يعرف صاحبه فهو في مصالح المسلمين ، وكل
سلب لا تقوم لقاتله بينة فهو في جملة الغنيمة بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونص قوله لا نتعداه والحمد لله رب العالمين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ويكفي من هذا أن الله تعالى قال : {
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السلب للقاتل إذا قامت له بينة ، فإن كانت طاعته عليه السلام واجبة فالسلب حق للقاتل متى قامت له به بينة ولا خيرة لأحد - لا إمام ولا غيره - في خلاف ذلك ، لنص كلام الله تعالى ، وإن كانت طاعته عليه السلام ليست واجبة فهذا كفر من قائله ، وإذا لم يكن السلب من حق القاتل بقوله عليه الصلاة والسلام : إنه له إذا قامت له به بينة ، فمن أين خرج لهم ؟ وأين وجدوا ما يوجب قولهم الفاسد ؟ : في أن الإمام إذا قال : من قتل قتيلا فله سلبه . كان السلب حينئذ للقاتل ، ولا نعمى عين للإمام أن يكون قوله تحريما أو إيجابا .
فظهر فساد قولهم جملة وتعريه من الدليل ، وهو قول لم يحفظ قط قبلهم لا عن صاحب ، ولا عن تابع - وبالله تعالى التوفيق .