صفحة جزء
باب هبة أحد الزوجين لصاحبه ( قال رحمه الله ) : وإذا وهب المريض لامرأته مائة درهم ، ولا مال له غيرها فدفعها إليها ، ثم مات فالهبة باطلة ; لأنها بمنزلة الوصية ولا وصية للوارث ، وهي وارثة ، ولو ماتت المرأة قبله ولها عصبة ، ولا مال للمرأة غير هذه المائة ، فإنه يرد منها إلى ورثة الزوج ستين درهما لبطلان الهبة وعشرين درهما بالميراث ; لأنها حين ماتت قبله فقد خرجت من أن تكون وارثة له فصح هبته لها من ثلث ماله ، فإن قيل : الهبة في المرض وصية وموت الموصى له قبل الموصي مبطل لوصية صحيحة ، فكيف يكون مصححا لوصية باطلة ؟ قلنا : الهبة بمنزلة الوصية في أنه تبرع معتبر من الثلث ، فأما الملك به يحصل بنفس القبض وموت الموصى له قبل الموصي إنما يبطل وصيته لكون التمليك فيها مضافا إلى ما بعد الموت ، فأما هذه هبة منفذة في الحال فلا تبطل بموتها قبله ، ثم وجه تخريج المسألة : أن مال الزوج في الأصل مائة درهم ، وهبته لها صحيح في ثلثها ، ثم نصف ذلك الثلث يعود بالميراث إلى الزوج فالسبيل أن يجعل المائة على ستة تنفذ [ ص: 41 ] الهبة في سهمين ، ثم يعود بالميراث أحدهما إلى الزوج فيزداد ماله وهذا هو السهم الدائر ، فنطرح من أصل حق الورثة سهما يبقى لوارث الزوج ثلاثة وللمرأة سهمان فتكون المائة على خمسة ، ثم يعود سهم بالميراث إلى وارث الزوج فيسلم له أربعة ، قد نفذنا الوصية في سهمين فاستقام ، فتبين أن بطلان الهبة في ثلاثة أخماس المائة ، وذلك ستون درهما وتنفيذ الهبة في خمس المائة ، وذلك أربعون ، ثم يعود نصفه إلى وارث الزوج ، وهو عشرون فيحصل له ثمانون درهما ، قد نفذنا الهبة في أربعين وتبقى لعصبتها عشرون درهما .

فإن اعتبرت طرح سهم الدور من جانب المرأة ، فالطريق في ذلك أن نقول : مالها ما نفذت الهبة فيه ، وهو ثلث المائة ، نصف ذلك بالميراث يكون للزوج ، ثم تنفذ لها الوصية في ثلث ذلك ; لأن ما وصل إليه بالميراث من جملة ماله وفي الثلث والثلثين يعتبر ماله عند موته ، فصار هذا النصف على هذه ثلاثة ، والنصف الذي لعصبتها أيضا على ثلاثة ، ثم يعود سهم من نصيب الزوج إلى عصبتها فيزداد مالها بذلك ، وهو السهم الدائر فيطرح ذلك من حق عصبتها يبقى حق عصبتها في سهمين وحق الزوج في ثلاثة فذلك خمسة ، ثم يعود سهم إلى العصبة فيسلم له ثلاثة مثل ما سلم للزوج بالميراث ، فتبين أن ثلث المائة صار على خمسة ، والسالم للزوج خمساه ، وهو ثلاثة عشر وثلث ، إذا ضممته إلى ثلثي المال يكون مائتين ، والسالم للعصبة ثلاثة أخماس ثلث المال ، وذلك عشرون درهما كل خمس ستة واثنان .

ولو كان وهب لها مائتي درهم ، والمسألة بحالها رجع إلى ورثة الزوج مائة وعشرون درهما ببطلان الهبة وأربعون بالميراث ، ووجه التخريج على الطريق الأول : أن المائتين مال الزوج وبعد طرح سهم الزوج يكون على خمسة أسهم كما بينا في المسألة الأولى فتنفذ الهبة في خمسها ، وذلك ثمانون درهما ويرد على ورثة الزوج ببطلان الهبة ثلاثة أخماسها وذلك مائة وعشرون وبميراث الزوج منها أربعين فيسلم لورثة الزوج مائة وستون ، قد نفذنا الهبة في ثمانين فاستقام ، وعلى الطريق الآخر مالها ثلث المائتين وينقسم هذا الثلث بعد طرح سهم الدور من نصيب عصبتها على خمسة فالذي يسلم لعصبتها في الحاصل ثلاثة أخماس ذلك وثلث المائتين ستة وستون وثلثان كل خمس منه ثلاثة عشر وثلث وثلاثة أخماسها أربعون هو لعصبة المرأة وخمساها ستة وعشرون وثلثان لورثة الزوج مع ثلثي المائتين فتكون الجملة مائة وستين ، ولو كان وهب لها ثلثمائة ، وهي جميع ماله أخذ ورثة الزوج مائة وثمانين ببطلان الهبة وستين بالميراث عنها ; لأن ماله بعد طرح سهم الدور ينقسم أخماسا ، فإنما تبطل الهبة في ثلاثة [ ص: 42 ] أخماس ثلثمائة وثلاثة أخماس ثلثمائة مائة وثمانون ، التخريج كما بينا ، وكذلك على الطريق الآخر يخرج مستقيما .

ولو كان وهب لها خمسمائة وماتت قبله كان لورثة الزوج ثلثمائة ببطلان الهبة ومائة بالميراث وتخريجه على الطريقين واضح أيضا ، وكذلك لو وهب لها ألف درهم ، والمسألة بحالها فالمسألة لورثة الزوج ببطلان الهبة ستمائة وبميراث الزوج منها مائتان وطريق التخريج أن يقسم مال الزوج على خمسة ، إن طرحت السهم الدائر من جانبه ، وأن يقسم مال المرأة ، وهو ثلث الموهوب على خمسة إن طرحت السهم الدائر من جانبها

التالي السابق


الخدمات العلمية