باب السلم في المرض وله على الناس ديون ( قال رحمه الله ) : وإذا
أسلم الرجل في مرضه ثلاثين درهما في كر يساوي عشرة دراهم وقبض ولا مال له من العين غيرها وله على الناس دين كثير ، ثم مات فالمسلم إليه بالخيار إن شاء رد الثلاثين درهما ونقض السلم ، وإن شاء أدى الكر ورد من رأس المال عشرة دراهم ; لأن عقد السلم يحتمل الفسخ فيثبت الخيار هنا للمسلم إليه لتعين شرط العقد عليه ، فإن شاء فسخ السلم ورد المقبوض من رأس المال ; لأن الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع فلا تبقى
[ ص: 59 ] بعد فسخ البيع ، وإن شاء أمضى العقد وأدى الكر في الحال ; لأن المحاباة بالثلث بالمال جاوزت الثلث فلا يسلم له شيء من الأجل ولكن يؤدي الكر كله ويرد من رأس المال ما زاد على ثلث ماله من المحاباة ، وذلك عشرة دراهم ويكون هذا بمنزلة حظ بعض رأس المال ، وعقد السلم يحتمل ذلك فإن اقتضوا الدين بعد ما اختصموا وقضى القاضي بينهم بهذا وفسخ السلم لم يرد على المسلم إليه شيء ; لأن الدين الذي للميت على الناس لا يكون محسوبا من ماله ما لم يخرج ، فإن بدا الوارث لا يصل إليه ، وإذا لم يحتسب به بعد قضاء القاضي بينهم يفسخ السلم إن اختار المسلم إليه ذلك ، وفسخ السلم لا يحتمل النقض ; فلهذا لا يعاد بخروج الدين ، وكذلك إن اختار رد عشرة من رأس المال ; لأن ذلك القدر يخرج من أن يكون رأس المال وينتقض القبض فيه من الأصل فلا يعود بعد ذلك ، وإن اقتضوا الدين قبل أن يختصموا أسلم للمسلم إليه إلى أجله وجازت له المحاباة ; لأن المحاباة بالمال ، والأجل تخرج من الثلث حين وصل إلى يد الوارث ضعف ذلك من مال الميت