صفحة جزء
( قال ) وإن اشترى ذمي من مسلم أرض عشر فإن أخذها مسلم بالشفعة ، أو كان في البيع خيار للبائع ، أو كان البيع فاسدا فرجعت إلى المسلم فهي عشرية كما كانت ; لأن حق المسلم لم ينقطع عنها فإن بقيت في ملك الكافر وانقطع حق المسلم عنها فهي خراجية في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى عليه عشران وقال محمد رحمه الله تعالى : يؤخذ منه عشر واحد . وقال مالك رحمه الله تعالى : يجبر على بيعها من المسلمين وعلى أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز البيع أصلا ، وفي القول الآخر ، وهو قول ابن أبي ليلى يؤخذ منه العشر والخراج جميعا وكان شريك بن عبد الله يقول لا شيء فيها وجعل هذا قياس السوائم إذا اشتراها الكافر من مسلم ولكن هذا ليس بصحيح فإن الأراضي النامية في دارنا لا تخلو عن وظيفة بخلاف سائر الأموال والشافعي في أحد قوليه لا يجوز البيع أصلا كما هو مذهبه في الكافر يشتري عبدا مسلما وفي قوله الآخر يقول : بأن ما كان وظيفة لهذه الأرض يبقى وباعتبار كفر المالك الحادث يجب الخراج بناء على أصله في الجمع بينهما . ومالك يقول : يجبر على بيعه من المسلمين ; لأن حق الفقراء تعلق بها ، ومال الكافر لا يصلح لذلك فيجبر على بيعها لإبقاء حق الفقراء فيها ، وأما محمد رحمه الله تعالى فقال : ما صار وظيفة للأرض لا يتبدل بتبدل المالك كالخراج في الأراضي الخراجية ، ثم العشر الذي يؤخذ منه عند محمد رحمه الله تعالى يوضع موضع الصدقات كما ذكره في السير ; لأن حق الفقراء تعلق بها فهو كتعلق حق المقاتلة بالأراضي الخراجية وروى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله تعالى أن هذا العشر يوضع في بيت مال الخراج ; لأنه إنما يصرف إلى الفقراء ما كان لله تعالى بطريق العبادة ومال الكافر لا يصلح لذلك فيوضع موضع الخراج كمال يأخذه العاشر من أهل الذمة وإنما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يؤخذ منه عشران ; لأن ما كان مأخوذا من المسلم إذا وجب أخذه من الكافر يضعف عليه كصدقة بني تغلب وما يمر به الذمي على العاشر أما أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقال : الأراضي النامية لا تخلو عن وظيفة في دارنا والوظيفة إما الخراج ، أو العشر ، ولا يمكن إيجاب العشر عليه ; لأنه صدقة والكافر ليس من أهل الصدقة فتعين الخراج بخلاف الخراج في الأراضي الخراجية ; لأن استيفاءها بعد الوجوب كاستيفاء الأجرة باعتبار التمكن من الانتفاع ومال المسلم يصلح لذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية