صفحة جزء
وإذا اختلف الشاهدان في المواطن التي شهدا فيها على عمل من قتل أو غصب لم تقبل شهادتهما ولا يعزران على ذلك عندنا وكان ابن أبي ليلى ربما ضربهما وعاقبهما لتمكن تهمة الكذب والمجازفة في الشهادة ولكنا نقول لا ندري أيهما الكاذب منهما فضرب كل واحد منهما عبث ولا بد من تقرر السبب في حقه حتى يجوز الإقدام على ضربه وذلك لا يوجد في حق كل واحد منهما .

وكذلك لو شهدا بأكثر مما ادعى فعلى قول ابن أبي ليلى يؤدبان على ذلك لتهمة الكذب والمجازفة ولكنا نقول لعل المدعي هو الغالط والكاذب والشهود صادقون في شهادتهم وبدون تقرر السبب لا تجب عليهم العقوبة وإن كان لا يعمل بشهادتهم لتكذيب المدعي إياهم .

وإذا لم يطعن الخصم في الشاهد فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا يسأل عنه القاضي وعند ابن أبي ليلى يسأل عنه وهو قول أبي يوسف ومحمد لأن السؤال عن الشهود لصيانة قضائه فإنه ممنوع شرعا من القضاء بشهادة الفاسق وأبو حنيفة يقول العدالة ثابتة بظاهر الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { المسلمون عدول بعضهم على بعض } فيعتمد القاضي هذا الظاهر ما لم يطعن الخصم فإذا طعن اشتغل بالسؤال لأن الظاهر من حال الطاعن أنه لا يكذب أيضا فإنه مسلم وقد بينا هذه المسألة بفصولها في أدب القاضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية