( وإذا
ماتت الفأرة [ ص: 58 ] في البئر فاستخرجت حين ماتت نزح من البئر عشرون دلوا ، وإن
ماتت في جب أريق الماء ، وغسل الجب ; لأنه تنجس بموت الفأرة فيه )
والقياس في البئر أحد شيئين أما ما قاله
بشر رحمه الله أنه يطم رأس البئر ، ويحفر في موضع آخر ; لأنه ، وإن نزح ما فيها من الماء يبقى الطين ، والحجارة نجسا ، ولا يمكن كبه ليغسل فيطم .
وأما ما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى قال اجتمع رأيي ، ورأي
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى أن ماء البئر في حكم الماء الجاري ; لأنه ينبع من أسفله ، ويؤخذ من أعلاه فلا يتنجس بوقوع النجاسة فيه كحوض الحمام إذا كان يصب فيه من جانب ، ويؤخذ من جانب لم يتنجس بإدخال يد نجسة فيه .
ثم قلنا ، وما علينا لو أمرنا بنزح بعض الدلاء ، ولا نخالف السلف ، وتركنا القياس لحديث ،
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله تعالى عنه قال في الفأرة تموت في البئر ينزح منها دلاء ، وفي رواية سبع دلاء .
، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال في الدجاجة تموت في البئر ينزح منها أربعون دلوا .
( ولنا ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والشعبي في الفأرة تموت في البئر ينزح منها عشرون دلوا ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه {
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة تموت في البئر ينزح منها عشرون دلوا } ، ولكنه شاذ ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله تعالى عنهم في الزنجي الذي وقع في بئر
زمزم فمات أنهما أمرا بنزح جميع الماء .
ثم في الأصل جعله على ثلاث مراتب في الفأرة عشرون دلوا ، وفي السنور ، والدجاجة أربعون دلوا ، وفي الشاة ، والآدمي جميع الماء . ، وفي رواية
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - جعله على خمس درجات في الجلة ، والفأرة الصغيرة عشر دلاء ، وفي الفأرة الكبيرة عشرون دلوا ، وفي الحمامة ثلاثون دلوا ، وفي الدجاجة أربعون دلوا ، وفي الشاة ، والآدمي جميع الماء ، وهذا ; لأنه إنما يتنجس من الماء ما جاوز النجاسة ، والفأرة تكون في وجه الماء فإذا نزح عشرون دلوا فالظاهر أنه نزح جميع ما جاوز الفأرة فما بقي يبقى طاهرا ، والدجاجة تغوص في الماء أكثر مما تغوص الفأرة فيتضاعف النزح لهذا ، والشاة ، والآدمي يغوص إلى قعر الماء فيموت ، ثم يطفو فلهذا نزح جميع الماء ، وهذا إذا لم يتفسخ شيء من هذه الحيوانات فإن انتفخ ، أو تفسخ نزح جميع الماء
. الفأرة ، وغيرها فيه سواء ; لأنه ينفصل منها بلة نجسة ، وتلك البلة نجاسة مائعة بمنزلة قطرة من خمر ، أو بول تقع في البئر .
ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى إذا ، وقع في البئر ذنب فأرة ينزح جميع الماء ; لأن موضع القطع فيه لا ينفك عن نجاسة مائعة بخلاف الفأرة فإن غلبهم الماء في موضع ، وجب نزح جميع الماء فالمروي
[ ص: 59 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا نزح منها مائة دلو يكفي ، وهو بناء على آبار
الكوفة لقلة الماء فيها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى في النوادر أنه ينزح منها ثلاثمائة دلو ، أو مائتا دلو ، وإنما أجاب بهذا بناء على كثرة الماء في آبار
بغداد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله تعالى ينزح قدر ما كان فيها من الماء قيل معناه أنه ينظر إلى عمق البئر ، وعرضه فيحفر حفيرة مثلها ، ويصب ما ينزح فيها فإذا امتلأت فقد نزح ما كان فيها .
وقيل يرسل قصبة في الماء ، ويجعل على مبلغه علامة ، ثم ينزح عشر دلاء ، ثم يرسل القصبة ثانيا فينظر كم انتقص فإن انتقص العشر علم أن البئر مائة دلو ، والأصح أنه ينظر إليها رجلان لهما بصر في الماء فبأي مقدار قالا في البئر ينزح ذلك القدر ، وهذا أشبه بالفقه فإن كان توضأ رجل منها بعد ما ماتت الفأرة فيها فعليه إعادة الوضوء ، والصلوات جميعا ; لأنه تبين أنه توضأ بالماء النجس ، وإن كان لا يدري متى وقع فيها ، وقد كان وضوءه من ذلك البئر فإن كانت منتفخة أعاد صلاة ثلاثة أيام ، ولياليها في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى احتياطا ، وإن كانت غير منتفخة يعيد صلاة يوم ، وليلة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله تعالى - ليس عليه أن يعيد شيئا من صلاته ما لم يعلم أنه توضأ منها ، وهو فيها ، والقياس ما قالا ; لأنه على يقين من طهارة البئر فيما مضى ، وفي شك من نجاسته ، واليقين لا يزال بالشك كمن رأى في ثوبه نجاسة لا يدري متى أصابته لا يلزمه إعادة شيء من الصلوات لهذا ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول أولا بقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى رأى طائرا في منقاره فأرة ميتة ، وألقاها في بئر فرجع إلى هذا القول ، وقال لا يعيد شيئا من الصلاة بالشك
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : ظهر لموت الفأرة سبب ، وهو وقوعها في البئر فيحال موتها عليه كمن جرح إنسانا فلم يزل صاحب فراش حتى مات يحال موته على تلك الحالة ; لأنه هو الظاهر من السبب ، ثم الانتفاخ دليل تقادم العهد ، وأدنى حد التقادم ثلاثة أيام .
( ألا ترى ) أن من دفن قبل أن يصلى عليه يصلى على قبره إلى ثلاثة أيام ، ولا يصلى بعد ذلك ; لأنه يتفسخ في هذه المدة ، وقولهما : إن في نجاسة البئر فيما مضى شكا قلنا يؤيد هذا الشك تيقن النجاسة في الحال فوجب اعتباره ، والقول به للاحتياط فيه ، وفي مسألة الثوب قال
معلى : الخلاف فيهما ، واحد ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله إن كانت النجاسة بالية يعيد صلاة ثلاثة أيام ، ولياليها ، وإن كانت طرية يعيد صلاة يوم ، وليلة ، ومن سلم فرق بينهما
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله فقال الثوب كان يقع بصره
[ ص: 60 ] عليه في كل ، وقت فلو كانت فيه نجاسة فيما مضى لرآها فأما البئر فمغيب عن بصره ، والموضع موضع الاحتياط فإن كانت غير منتفخة قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله يعيد صلاة يوم ، وليلة ; لأنه لما وجب عليه إعادة الصلاة أمرناه بإعادة صلاة يوم ، وليلة احتياطا .