قال ( وإذا
نسي المتوضئ مسح رأسه فأصابه ماء المطر مقدار ثلاثة أصابع فمسحه بيده ، أو لم يمسحه أجزأه عن مسح الرأس ) ، وكذلك
الجنب إذا وقف في المطر الشديد حتى غسله ، وقد أنقى فرجه ، وتمضمض ، واستنشق ، وكذلك المحدث إذا جرى الماء على أعضاء وضوئه ; لأن الماء مطهر بنفسه قال الله تعالى {
، وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ، والطهور الطاهر في نفسه المطهر لغيره فلا يتوقف حصول التطهر به على فعل يكون منه كالنار فإنه لا يتوقف حصول الاحتراق بها على فعل يكون من العبد ، وإذا ثبت هذا في المغسول ثبت في الممسوح بطريق الأولى ; لأنه دون المغسول ، والمعتبر فيه إصابة البلة ، وعلى هذا الأصل قلنا بجواز الوضوء ، والغسل من الجنابة بدون النية .
( وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ) : لا يجوز إلا بالنية لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى } ، ولأنها طهارة هي عبادة فلا تتأدى بدون النية كالتيمم ، وهذا ; لأن معنى العبادة لا يتحقق إلا بقصد ، وعزيمة من العبد بخلاف غسل النجاسة فإنه ليس بعبادة .
( ولنا ) آية الوضوء ففيها تنصيص على الغسل ، والمسح ، وذلك يتحقق بدون النية فاشتراط النية يكون زيادة على النص إذ ليس في اللفظ المنصوص ما يدل على النية ، والزيادة لا تثبت بخبر الواحد ، ولا بالقياس بخلاف التيمم فإنه عبارة عن القصد لغة قال الله تعالى {
، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } ففي اللفظ ما يدل على اشتراط النية فيه ، ولأنها طهارة بالماء فكانت كغسل النجاسة ، وتأثير ما قلنا أن الماء مطهر في نفسه ، والحدث الحكمي دون النجاسة العينية فإذا عمل الماء في إزالة النجاسة العينية بدون النية ففي إزالة الحدث الحكمي أولى ، ونحن نسلم أن الوضوء بغير نية لا يكون عبادة ، ولكن معنى العبادة فيها تبع غير مقصود إنما المقصود إزالة الحدث ، وزوال الحدث يحصل باستعمال الماء فوجد شرط جواز الصلاة ، وهو القيام إليها طاهرا بين يدي الله تعالى فيجوز كما لو لم يكن محدثا في الابتداء ، وبه نجيب عن استدلاله بالحديث فإن المراد أن ثواب العمل بحسب النية ، وبه نقول ، وعن التيمم فإن التراب غير مزيل
[ ص: 73 ] للحدث أصلا ، ولهذا لو أبصر المتيمم الماء كان محدثا بالحدث السابق فلم يبق فيه إلا معنى التعبد ، وذلك لا يحصل بدون النية . يوضح الفرق أن النية تقترن بالفعل ، ولا بد من الفعل في التيمم حتى إذا أصاب الغبار وجهه ، وذراعيه لا يجزئه عن التيمم . وفي الوضوء ، والاغتسال لا معتبر بالفعل حتى إذا سال ماء المطر على أعضائه زال به الحدث فكذلك بدون النية .