قال ( ولا ينقض النوم الوضوء ما دام قائما ، أو راكعا ، أو ساجدا ، أو قاعدا ، وينقضه مضطجعا ، أو متكئا ، أو على إحدى أليتيه ) أما
نوم المضطجع ناقض للوضوء ، وفيه وجهان : أحدهما أن عينه حدث بالسنة المروية فيه ; لأن كونه طاهرا ثابت بيقين ، ولا يزال اليقين إلا بيقين مثله ، وخروج شيء منه ليس بيقين فعرفنا أن عينه حدث ، والثاني ، وهو : أن الحدث ما لا يخلو عنه النائم عادة فيجعل كالموجود حكما فإن نوم المضطجع يستحكم فتسترخي مفاصله ، وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14663العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء } .
وهو ثابت عادة كالمتيقن به ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه يقول : لا ينتقض الوضوء بالنوم مضطجعا حتى يعلم بخروج شيء منه ، وكان إذا نام أجلس عنده من يحفظه فإذا انتبه سأله فإن أخبر بظهور شيء منه أعاد الوضوء ، والمتكئ كالمضطجع ; لأن مقعده زائل عن الأرض فأما القاعد إذا نام لم ينتقض وضوءه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله إن طال النوم قاعدا انتقض وضوءه ، وحجتنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله تعالى عنه قال {
نمت قاعدا في المسجد حتى وقع ذقني على صدري فوجدت برد كف على ظهري فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أعلي في هذا وضوء ؟ فقال : لا حتى تضطجع } ، ولأن مقعده مستقر على الأرض فيأمن خروج شيء منه فلا ينتقض وضوءه كما لو لم يطل نومه . فأما إذا نام قائما ، أو راكعا ، أو ساجدا لم ينتقض وضوءه عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ينتقض وضوءه لحديث
صفوان بن عسال المرادي قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27771كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ، ولياليها إلا من جنابة لكن من بول ، أو غائط ، أو نوم } فهذا دليل على أن النوم حدث إلا أنا خصصنا نوم القاعد من هذا العموم بدليل الإجماع فبقي ما سواه على أصل القياس ، ولأن مقعده زائل عن الأرض في حال نومه فهو كالمضطجع .
( ولنا ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=79218لا وضوء على من نام قائما ، أو راكعا ، أو ساجدا إنما الوضوء على من نام [ ص: 79 ] مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله } ، وهو المعنى فإن الاستمساك باق مع النوم في هذه الأحوال بدليل أنه لم يسقط ، وبقاء الاستمساك يؤمنه من خروج شيء منه فهو كالقاعد بخلاف المضطجع ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله قال إذا تعمد النوم في السجود انتقض وضوءه ، وإن غلبته عيناه لم ينتقض ; لأن القياس في نوم الساجد أنه حدث كنوم المضطجع ، ومن الناس من يعتاد النوم على وجهه . تركنا القياس للبلوى فيه للمجتهدين ، وهذا إذا غلبته عيناه لا إذا تعمد ، وجه ظاهر الرواية ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10602إذا نام العبد في سجوده يباهي الله تعالى به ملائكته فيقول انظروا إلى عبدي روحه عندي ، وجسده في طاعتي } ، وإنما يكون جسده في الطاعة إذا بقي وضوءه ، ولأن الاستمساك باق فإنه لو زال لسقط على أحد شقيه ، وذكر
ابن شجاع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى أن
نوم القائم ، والراكع ، والساجد إنما لا يكون حدثا إذا كان في الصلاة فأما خارج الصلاة يكون حدثا ، وفي ظاهر الرواية لا فرق بينهما لبقاء الاستمساك فإن كان
القاعد مستندا إلى شيء فنام قال
الطحطاوي رحمه الله تعالى إن كان بحال لو أزيل سنده عنه يسقط انتقض وضوءه لزوال الاستمساك ، والمروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا ينتقض وضوءه على كل حال ; لأن مقعده مستقر على الأرض فيأمن خروج شيء منه . فإن نام قاعدا فسقط ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال إن انتبه قبل أن يصل جنبه إلى الأرض لم ينتقض وضوءه ; لأنه لم يوجد شيء من النوم ، وهو الحدث ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى قال ينتقض وضوءه لزوال الاستمساك بالنوم حين سقط ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى إن انتبه قبل أن يزايل مقعده الأرض لم ينتقض وضوءه ، وإن زايل مقعده الأرض قبل أن ينتبه انتقض وضوءه .