صفحة جزء
قال ( ولا وضوء في شيء من الأطعمة ما مسته النار ، وما لم تمسه فيه سواء ) وأصحاب الظواهر يوجبون الوضوء مما مسته النار ، ومنهم من أوجب من لحم الإبل خاصة لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { توضئوا [ ص: 80 ] مما مسته النار } ، وفي حديث آخر { توضئوا من لحوم الإبل ، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم } .

( ولنا ) حديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من كتف شاة ، ثم صلى ، ولم يتوضأ } ، وقال جابر { توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قام ليخرج فرأى عرقا أي عظما في يد بعض صبيانه فأكل منه ، ثم صلى ، ولم يتوضأ } ، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ضعيف قد رده ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال : ألسنا نتوضأ بالحميم ، ولو ثبت فالمراد منه غسل اليد بدليل حديث عكراش بن ذؤيب قال { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني بيت أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأتينا بقصعة كثيرة الثريد ، والودك فجعلت آكل من كل جانب فقال صلى الله عليه وسلم كل مما يليك فإن الطعام واحد ، ثم أتينا بطبق من رطب فجعلت آكل مما يليني فقال : أجل يدك فإن الرطب ألوان ، ثم أتي بماء فغسل يديه ، وقال : هذا هو الوضوء مما مسته النار } ، ولهذا فصل في روايته بين لحم الإبل ، وغيره ; لأن للحم الإبل من اللزوجة ما ليس لغيره ، والمعنى أنه لو أكل الطعام نيئا لم يلزمه الوضوء فالنار لا تزيده إلا نظافة .

التالي السابق


الخدمات العلمية