( قال ) :
وميقات إحرام أهل مكة للعمرة التنعيم أو غيره من الحل ; لأن موضع الإحرام غير موضع أداء النسك ، وأداء الحج يكون بالوقوف وهو في الحل فالإحرام به يكون في
الحرم وأداء نسك العمرة بالطواف وهو في الحرم فالإحرام بها يكون في الحل .
( قال ) :
كوفي جاوز الميقات نحو مكة ، ثم أحرم بالحج ووقف بعرفة جاز حجه وعليه دم لترك الوقت ; لأنه لما انتهى إلى الميقات وجب عليه الإحرام بالحج من الميقات لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
لا يجاوز الميقات أحد إلا محرما ، فإذا جاوزه حلالا فقد ارتكب المنهي } وأخر الإحرام عن الميقات فتمكن نقصان في حجه ونقصان الحج يجبر بالدم فإن رجع إلى الميقات ولبى إن
رجع قبل أن يحرم وأحرم بالحج من الميقات فلا شيء عليه بالاتفاق ; لأنه تلافى المتروك في وقته ومكانه فصار في الحكم كأنه لم يجاوز الميقات إلا محرما فإن الواجب عليه أداء الحج بإحرام يباشره من الميقات ، وقد أتى بذلك ، وإن كان
أحرم بعد ما جاوز الميقات ، ثم عاد إلى الميقات فعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن لبى عند الميقات يسقط عنه الدم ، وإن لم يلب لم يسقط عنه الدم
وعندهما يسقط عنه الدم في الحالين جميعا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله تعالى لا يسقط عنه الدم في الوجهين ; لأن المستحق عليه إنشاء الإحرام بالحج من الميقات ، فإذا أحرم بعد ما جاوز الميقات فقد ترك ما هو المستحق عليه فلزمه الدم كما لو لم يعد ، وهذا لأن الواجب عليه إنشاء تلبية واجبة عند الميقات ووجوب التلبية عند الإحرام لا بعده فهو - وإن لبى عند الميقات - فإنما أتى بتلبية غير واجبة فلا يصير به متداركا لما فاته بخلاف ما إذا عاد
[ ص: 171 ] فأحرم من الميقات
وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله تعالى - يقولان : الواجب عليه أن يكون محرما عند الميقات لا أن ينشئ
الإحرام عند الميقات ، ألا ترى أنه لو أحرم قبل أن ينتهي إلى الميقات ، ثم مر بالميقات محرما ، ولم يلب عند الميقات لا يلزمه شيء ، وكذلك إذا عاد إلى الميقات بعد ما أحرم ، ولم يلب فقد تدارك ما هو واجب عليه وهو كونه محرما عند الميقات واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى بقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لذلك الرجل : ارجع إلى الميقات وإلا فلا حج لك . والمعنى فيه أنه لما انتهى إلى الميقات حلالا وجب عليه التلبية عند الميقات والإحرام ، فإذا ترك ذلك بالمجاوزة حتى أحرم وراء الميقات ، ثم عاد فإن لبى فقد أتى بجميع ما هو المستحق عليه فيسقط عنه الدم ، وإن لم يلب فلم يأت بجميع ما استحق عليه ، وهذا بخلاف من أحرم قبل أن ينتهي إلى الميقات ; لأن ميقاته هناك موضع إحرامه ، وقد لبى عنده فقد خرج الميقات المعهود من أن يكون ميقاتا للإحرام في حقه فلهذا لا يضره ترك التلبية عنده بخلاف ما نحن فيه على ما بينا