ثم الأصل عندنا أن كل من يصلح أن يكون قابلا للعقد بنفسه ينعقد النكاح بشهادته ، وكل من يصلح أن يكون وليا في نكاح يصلح أن يكون شاهدا في ذلك النكاح ، وعلى هذا الأصل قلنا : ينعقد
النكاح بشهادة الفاسقين ، ولا ينعقد عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى ; لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل } ، ولكنا نقول : ذكر العدالة في هذا الحديث ، والشهادة مطلقة فيما روينا فنحن نعمل بالمطلق والمقيد جميعا مع أنه نكر ذكر العدالة في موضع الإثبات فيقتضي عدالة ما ، وذلك من حيث الاعتقاد ، وفي الحقيقة المسألة تنبني على أن
الفاسق من أهل الشهادة عندنا ، وإنما لا تقبل شهادته ; لتمكن تهمة الكذب ، وفي الحضور والسماع لا تتمكن هذه التهمة فكان بمنزلة العدل ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى الفاسق ليس من أهل الشهادة أصلا ; لنقصان حاله بسبب الفسق ، وهو ينبني أيضا على أصل أن الفسق لا ينقص من إيمانه عندنا فإن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، والأعمال من شرائع الإيمان لا من نفسه ، وعنده الشرائع من نفس الإيمان ، ويزداد الإيمان بالطاعة ، وينتقص بالمعصية فجعل نقصان الدين بسبب الفسق
[ ص: 32 ] كنقصان الحال بسبب الرق والصغر .
واعتبر بطرف الأداء فإن المقصود إظهار النكاح عند الحاجة إليه ، والصيانة عن خلل يقع بسبب التجاحد ، ولا يحصل ذلك بشهادة الفاسق ، ولكنا نقول الفسق لا يخرجه من أن يكون أهلا للإمامة والسلطنة فإن الأئمة بعد الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم قل ما يخلو واحد منهم عن فسق فالقول بخروجه من أن يكون إماما بالفسق يؤدي إلى فساد عظيم ، ومن ضرورة كونه أهلا للإمامة كونه أهلا للقضاء ; لأن تقلد القضاء يكون من الإمام ، ومن ضرورة كونه أهلا لولاية القضاء أن يكون أهلا للشهادة وبه ظهر الفرق بينه وبين نقصان الحال بسبب الرق ، والأداء ثمرة من ثمرات الشهادة .
وفوت الثمرة لا يدل على انعدام الشيء من أصله ألا ترى أن بشهادة المستور الذي ظاهر حاله العدالة ينعقد النكاح ، ولا يظهر بمقالته ، كذلك بشهادة ابنته منها ، وكذلك