قال ( ولو
غسل ثوب نجس في إجانة بماء نظيف ثم في أخرى ثم في أخرى فقد طهر الثوب ) وهذا استحسان والقياس أن لا يطهر الثوب ولو غسل في عشر إجانات وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر بن غياث . ووجهه أن الثوب النجس كلما حصل في الإجانة تنجس ذلك الماء فإنما غسل الثوب بعد ذلك في الماء النجس فلا يطهر
[ ص: 93 ] حتى يصب عليه الماء أو يغسل في الماء الجاري . وجه الاستحسان قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=79157طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله ثلاثا } فتبين بهذا الحديث أن الإناء النجس يطهر بالغسل من غير حاجة إلى تقوير أسفله ليجري الماء على النجاسة ، والمعنى فيه أن الثياب النجسة يغسلها النساء والخدم عادة وقد يكون ثقيلا لا تقدر المرأة على حمله لتصب الماء عليه ، والماء الجاري لا يوجد في كل مكان فلو لم يطهر بالغسل في الإجانات أدى إلى الحرج .
ثم
النجاسة على نوعين : مرئية وغير مرئية ، ثم المرئية لا بد من إزالة العين بالغسل ، وبقاء الأثر بعد زوال العين لا يضر هكذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=79249قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دم الحيض حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه ولا يضرك بقاء الأثر } ولأن
المرأة إذا خضبت يدها بالحناء النجس ثم غسلته تجوز صلاتها ولا يضرها بقاء أثر الحناء ، وكان
الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول بعد زوال عين النجاسة يغسل مرتين ; لأنه التحق بنجاسة غير مرئية غسلت مرة فأما النجاسة التي هي غير مرئية فإنها تغسل ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9623إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده } فلما أمر بالغسل ثلاثا في النجاسة الموهومة ففي النجاسة المحققة أولى وهذا مذهبنا وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه العبرة بغلبة الرأي فيما سوى ولوغ الكلب حتى إن غلب على ظنه أنه طهر بالمرة الواحدة يكفيه ذلك لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم ثم اغسليه فلا يشترط فيه العدد ، ولكنا نقول غلبة الرأي في العام الغالب لا يحصل إلا بالغسل ثلاثا ، وقد تختلف فيه قلوب الناس فأقمنا السبب الظاهر مقامه تيسيرا وهو الغسل ثلاثا . قال : وإن أصابت النجاسة عضوا من أعضائه
nindex.php?page=showalam&ids=14954فأبو يوسف رحمه الله تعالى أخذ فيه بالقياس فقال لا يطهر بالغسل في الإجانات ; لأن صب الماء عليه ممكن من غير حرج ولأن استعمال الماء في العضو في تغير صفة الماء أقوى منه في الثوب فإن العضو الطاهر إذا غسل بالماء الطاهر صار مستعملا بخلاف الثوب الطاهر فلا يمكن قياس العضو على الثوب
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمه الله تعالى سوى بين الثوب والعضو في أنه يطهر بالغسل في الإجانات وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال : لأن الضرورة تحققت في بعض الأعضاء فإن من دمي أنفه أوفمه لا يمكنه صب الماء عليه حتى يشرب الماء النجس أو يعلو على دماغه وفيه حرج بين فأخذنا بالاستحسان في العضو كما أخذنا به في الثوب . ثم ماء الإجانات كلها نجس ، ولأن النجاسة تحولت إلى الماء ( فإن قيل ) جزء من الماء
[ ص: 94 ] الثالث قد بقي في الثوب بعد العصر فكيف يحكم بطهارة الثوب ( قلنا ) ما لا يستطاع الامتناع عنه يكون عفوا مع أن الماء يتداخل في أجزاء الثوب فيخرج النجاسة ثم يخرج على أثرها بالعصر فما بقي من البلة بعد العصر لم تجاوزه النجاسة ، ألا ترى أنه لو كان مكان النجاسة صبغ كالزعفران وغيره يتحول إلى الماء ولا يبقى شيء من ذلك اللون في الثوب ببقاء البلة فكذلك النجاسة .