صفحة جزء
( قال : ) ولا يجوز له أن يتزوج امرأة أرضعته رضاعا قليلا أو كثيرا عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا تثبت الحرمة إلا بخمس رضعات يكتفي الصبي بكل واحدة منها ، ومن أصحاب الظواهر من اعتبر ثلاث رضعات لإيجاب الحرمة ، واستدل من شرط العدد بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا تحرم المصة ولا المصتان ، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان . } وفي حديث عمرة عن عائشة رضي الله تعالى عنهما قالت : كان فيما أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ بخمس رضعات معلومات يحرمن ، وكان ذلك مما يتلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نسخ بعد ذلك ، وحجتنا قوله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } أثبت الحرمة بفعل الإرضاع فاشتراط العدد فيه يكون زيادة على النص ، ومثله لا يثبت بخبر الواحد . وفي حديث علي رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الرضاع قليله وكثيره سواء } يعني في إيجاب الحرمة ، ولأن هذا سبب من أسباب التحريم ، فلا يشترط فيه العدد كالوطء ، أما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فضعيف جدا ; لأنه إذا كان متلوا بعد رسول الله ، ونسخ التلاوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز فلماذا لا يتلى الآن . ؟ وذكر في الحديث { فدخل داجن البيت فأكله } وهذا يقوي قول الروافض الذين يقولون : كثير من القرآن ذهب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يثبته الصحابة رضي الله تعالى عنهم في المصحف وهو قول باطل بالإجماع ، ولو ثبت أن هذا كان في وقت من الأوقات ، فإنما كان في الوقت الذي كان إرضاع الكبير مشروعا وعليه يحمل الحديث الثاني ، فإن إنبات اللحم وإنشاز العظم في حق الكبير لا يحصل بالرضعة الواحدة ، فكان العدد مشروعا فيه ثم انتسخ بانتساخ حكم إرضاع الكبير على ما نبينه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية