( قال : ) وإذا
تزوج واحدة في عقدة وثنتين في عقدة وثلاثا في عقدة وأربعا في عقدة ثم مات ولا يعرف أيتهن أول ، فنقول : ميراث النساء ربعا كان أو ثمنا بين الثنتين والثلاث والأربع أثلاثا ; لأن الميراث إنما يتوزع على الأحوال ، والأحوال ثلاثة بيقين ، إما أن يصح نكاح الأربع أو نكاح الثلاث مع الواحدة أو نكاح الثنتين مع الواحدة ، وليس هنا حالة رابعة ، وباعتبار الأحوال كل فريق في استحقاق الميراث مساو للفريقين الآخرين على معنى أنه إن تقدم نكاحه استحق الميراث وإلا فلا ، فلهذا كان الميراث بينهن أثلاثا لا مزاحمة للواحدة مع الأربع في الثلث الذي صار لهن ; لأن نكاحها لا يجوز معهن ، وإنما أخذن ما أخذن باعتبار جواز نكاحهن ، ولكنها تدخل مع الثلاث فتأخذ ثمن ما أصابهن ; لأنهن إنما أخذن ما أخذن باعتبار جواز نكاحهن ، ونكاح الواحدة يجوز معهن إلا أن في نكاح الواحدة ترددا ، فإنه إما أن يجوز مع الثلاث أو مع الثنتين ، فإن جاز مع الثلاث كان لها ربع ما في يدي الثلاث ، وإن جاز مع الثنتين لم يكن لها شيء مما في يدي الثلاث ، فتأخذ مما في يدي الثلاث نصف الربع وهو الثمن والباقي بين الثلاث أثلاثا ، ثم تدخل مع الثنتين فتأخذ سدس ما في يديهما ; لأنهما أخذنا باعتبار جواز نكاحهما ، ونكاح الواحدة يجوز مع نكاحهما ، فإن كان جواز نكاحهما معهما كان لها ثلث ما في أيديهما ، وإن كان مع الثلاث لم يكن لها شيء مما في أيديهما ، فلهذا تأخذ منهما نصف الثلث وهو سدس ما في أيديهما والباقي بينهما نصفان ، وأما حكم المهر فنقول : على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى لهن ثلاثة مهور
[ ص: 167 ] ونصف مهر ; لأنه إن جاز نكاح الأربع فلهن أربعة مهور ، وإن جاز نكاح الثلاث مع الواحدة فكذلك .
وإن كان جاز نكاح الثنتين مع الواحدة فلهن ثلاثة مهور ، فثلاثة مهور لهن بيقين والمهر الرابع يثبت في حالين ، ولا يثبت في حال ، ولكن أحوال الإصابة حالة واحدة فكأنه ثبت في حال دون حال فيتنصف ، فلهذا كان لهن ثلاثة مهور ونصف مهر ، فأما نصف مهر من ذلك فللأربع ثلاثة أرباعه وللثلاث ربعه ; لأنه لا منازعة للثنتين في هذا النصف ، والأربع يدعين ذلك لأنفسهن والثلاث يدعين ذلك بانضمام الواحدة إليهن ، وانضمام الواحدة إليهن في حال دون حال ، فباعتبار الحالين يكون للثلاث نصف نصف هذا وهو الربع ، وللأربع ثلاثة أرباع ، فأما مهر واحد فللأربع منه سدسان ونصف سدس ، وللثلاث سدسان ونصف سدس ، وللثنتين سدس ; لأن الثلاث والأربع يدعين هذا المهر لأنفسهن ، والثنتان لا يدعيان ذلك إلا بانضمام الواحدة إليهما ، وانضمام الواحدة إليهما في حال دون حال ، ففي حالة الانضمام لهما ثلث ذلك ، وفي غير حالة الانضمام لا شيء لهما فلهما نصف الثلث وهو السدس ، والباقي وهو خمسة أسداس استوت فيه منازعة الثلاث والأربع فكان بينهما نصفين لكل فريق سدسان ونصف سدس ، وأما المهران فقد استوت في ذلك منازعة الفرق الثلاث فكان بينهن أثلاثا لكل فريق ثلثا مهر ، فأما الأربع فقد أصابهن مرة ثلثا مهر ومرة سدسان ونصف سدس ومرة ثلاثة أرباع النصف ، فيجمع ذلك كله ويقسم بينهن بالسوية ، إذ لا مزاحمة للواحدة معهن ، وأما الثلاث فقد أصابهن مرة ثمن مهر ومرة سدسان ونصف سدس ومرة ثلثا مهر فيجمع ذلك كله ثم الواحدة تأخذ ثمن جميع ذلك ; لأنه إن صح نكاحها معهن فلها ربع ذلك .
وإن لم يصح فلا شيء لها فتأخذ ثمن ذلك ، والباقي بين الثلاث بالسوية ، وأما الثنتان فإنهما أصابهما مرة ثلثا مهر ومرة سدس مهر فتدخل الواحدة معهما وتأخذ سدس ما في أيديهما ; لأنه إن جاز نكاحها معها فلها ثلث ذلك وإلا فلا شيء لها ، فتأخذ نصف الثلث وهو السدس ثم الباقي بينهما نصفان ، وإذا أردت تصحيح الحساب فالطريق فيه ضرب هذه المخارج بعضها في بعض وهو واضح لا يشتغل به للتحرز عن التطويل ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى للأربع مهر وثلث مهر وللثلاث مهر وللاثنتين ثلثا مهر وللواحدة نصف مهر ، فجملة ذلك أيضا ثلاثة مهور ونصف كما هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى ، ووجه التخريج أن الأحوال ثلاثة فيجب اعتبار كل حالة ، فيقول : نكاح الأربع يصح في حال ، ولا يصح في حالين ، فإن صح
[ ص: 168 ] نكاحهن فلهن أربعة مهور ، وإن لم يصح فلا شيء لهن ، وأحوال الحرمان أحوال فلهن ثلث ذلك وهو مهر وثلث مهر بينهن بالسوية ، والثلاث إن صح نكاحهن فلهن ثلاثة مهور ، وإن لم يصح فلا شيء لهن ، ونكاحهن يصح في حال ولا يصح في حالين فلهن ثلث ذلك وهو مهر واحد ، والثنتان إن صح نكاحهما فلهما مهران ونكاحهما صحيح في حال دون حالين فلهما ثلث ذلك ، وذلك ثلثا مهر ، والواحدة يصح نكاحها في حالين إما مع الثلاث أو مع الثنتين ، ولا يصح نكاحها في حال وهو ما إذا تقدم نكاح الأربع ، لكن أحوال الإصابة حالة واحدة فكان نكاحها يصح في حال دون حال فكان لها نصف المهر ، وعلى كل واحدة منهن عدة المتوفى عنها زوجها احتياطا .
( قال : ) فإن
كانت إحدى الأربع أمة والمسألة بحالها فنكاح الأمة فاسد بيقين لانضمامها إلى الحرائر ، ولا حظ لها من المهر ولا من الميراث ، ونكاح المنفردة هنا صحيح على كل حال ; لأن الباقي في الحاصل ثلاث وثلاث واثنتان وواحدة ، فيتيقن بصحة نكاح الواحدة إما مع الثنتين أو مع أحد الفريقين من الثلاث ، ثم بيان حكم المهران على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى لهن ثلاثة مهور ونصف لما بينا أن أكثر مالهن أربعة مهور وأقل مالهن ثلاثة مهور ، فيتوزع المهر الرابع نصفين ثم للمنفردة من هذه الجملة مهر كامل ; لأنا تيقنا بصحة نكاحها بقي مهران ونصف ، فأما نصف مهر من ذلك لا منازعة فيه للثنتين ، وكل فريق من الثلاث يدعين ذلك فيكون بين الفريقين نصفين ، بقي مهران استوت فيهما منازعة الفرق الثلاثة فكان بينهن أثلاثا لكل فريق ثلثا مهر ، فأما على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فللواحدة مهر كامل لما قلنا ولكل فريق من الثلاث مهر واحد ; لأن نكاح كل فريق يصح في حال ولا يصح في حالين ، وفي حالة الصحة لهن ثلاثة مهور ، وأحوال الحرمان أحوال فكان لكل فريق ثلث ذلك وهو مهر واحد ، ونكاح الثنتين يصح في حال ولا يصح في حالين ، وفي حالة الصحة لهما مهران فلهما ثلث ذلك وهو ثلثا مهر ، وميراث النساء بينهن للواحدة من ذلك سبعة من أربعة وعشرين ; لأن نكاحها صحيح بيقين ، فإن صح مع الثنتين فلها ثلث الميراث ثمانية من أربعة وعشرين ، وإن صح مع الثلاث فلها ربع الميراث ستة من أربعة وعشرين ، فقدر ستة يقين وما زاد على ذلك يثبت في حال دون حال ، فلهذا كان لها سبعة ، ولا يقال ستة لها في حالين بأن يصح نكاحها مع هؤلاء الثلاث أو مع الفريق الآخر ، فكان ينبغي أن تعتبر الحالتان في حقها لأنهما حالتا حرمان الزيادة ، وهذا لأنه لا فرق في حقها بين أن يكون صحة نكاحها مع هذا
[ ص: 169 ] الفريق أو مع الفريق الآخر ، واعتبار الأحوال لا يتفاوت ، وإذا لم يكن في حقها تفاوت في هاتين الحالتين فهما حالة واحدة .
( قال : ) ولهم واحد من الباقي وهو سبعة عشر بين الثلاث نصفان ; لأن الثنتين لا يدعيان أكثر من ثلثي الميراث ، وما بقي وهو ستة عشر بينهن أثلاثا لاستواء حالهن في استحقاق ذلك ، ولكن هذا الجواب على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى ، فأما على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى الباقي بعد نصيب الواحدة كله مقسوم بين الفرق أثلاثا لاستواء حالهن في استحقاق ما يفرغ من حق الواحدة وقد تقدم بيان نظائره