( قال : )
ويجبر الرجل على نفقة أولاده الصغار لقوله عز وجل {
فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } والنفقة بعد الفطام بمنزلة مؤنة الرضاع قبل ذلك ، ولأن الولد جزء من الأب فتكون نفقته عليه كنفقته على نفسه ، ثم في ظاهر الرواية لا يشارك الأب في النفقة أحد وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن النفقة على الأب والأم أثلاثا بحسب ميراثهما من الولد فأما في ظاهر الرواية ، كما لا يشارك
[ ص: 223 ] الأب في مؤنة الرضاع أحد ، فكذلك في النفقة ، وهذا إذا كان الأب موسرا فإن كان معسرا والأم موسرة أمرت بأن تنفق من مالها على الولد ويكون ذلك دينا على الأب إذا أيسر ، وكذلك الأب إذا كان معسرا وله أخ موسر فإن الأخ وهو عم الولد يعطي نفقة الولد ويكون ذلك دينا على الأب له إذا أيسر ; لأن استحقاق النفقة على الأب ولكن الإنفاق لا يحتمل التأخير فيقام مال الغير مقام ماله في أداء مقدار الحاجة منه على أن يكون ذلك دينا عليه إذا أيسر والذي قلنا في الصغار من الأولاد كذلك في الكبار إذا كن إناثا ; لأن النساء عاجزات عن الكسب ; واستحقاق النفقة لعجز المنفق عليه عن كسبه . وإن كانوا ذكورا بالغين لم يجبر الأب على الإنفاق عليهم لقدرتهم على الكسب ، إلا من كان منهم زمنا ، أو أعمى ، أو مقعدا ، أو أشل اليدين لا ينتفع بهما ، أو مفلوجا ، أو معتوها فحينئذ تجب النفقة على الوالد لعجز المنفق عليه عن الكسب ، وهذا إذا لم يكن للولد مال
فإذا كان للولد مال فنفقته في ماله ; لأنه موسر غير محتاج واستحقاق النفقة على الغني للمعسر باعتبار الحاجة إذ ليس أحد الموسرين بإيجاب نفقته على صاحبه بأولى من الآخر بخلاف نفقة الزوجة ، فإن استحقاق ذلك باعتبار العقد لتفريغها نفسها له فتستحق موسرة كانت ، أو معسرة فأما الاستحقاق هنا باعتبار الحاجة فلا يثبت عند عدم الحاجة .
( قال : )
فإن كان مال الولد غائبا أمر الأب بأن ينفق عليه من ماله على أن يرجع في مال الولد إذا حضر ماله لكنه إن أشهد فله أن يرجع في الحكم ، وإن أنفق بغير إشهاد لكن على نية الرجوع فله أن يرجع فيما بينه وبين الله تعالى وفي الحكم ليس له ذلك ; لأن الظاهر أنه يقصد التبرع بمثل هذا ، والقاضي يتبع الظاهر فأما فيما بينه وبين الله تعالى فله أن يرجع ; لأن الله تعالى عالم بما في ضميره .