( قال ) : وإن
شهد أحدهما أنه قال لها : أنت طالق ، وشهد الآخر أنه أقر أنه طلقها فالشهادة جائزة ; لأن الطلاق قول ، وصيغة الإقرار ، والإنشاء فيه واحدة ، فاختلاف الشهود في الإنشاء ، والإقرار لا يكون اختلافا في المشهود به ، وكذلك إن اختلفا في المكان ، والزمان ; لأن القول مما يعاد ويكرر ويكون الثاني هو الأول فباختلافهما في المكان ، والزمان لا يختلف المشهود به لفظا بخلاف الأفعال كالغصب ، والقتل .
( قال ) : وإن
شهد أحدهما أنه طلقها بمكة يوم النحر ، وشهد الآخر أنه طلقها في ذلك اليوم بالكوفة كانت شهادتهما باطلة لا لأن المشهود به مختلف ، ولكن ; لأنا تيقنا بكذب أحدهما ، فإن الشخص الواحد في يوم واحد لا يكون
بمكة ، والكوفة ، وإذا كانت تهمة الكذب تمنع العمل بالشهادة فالتيقن بالكذب أولى ، ولا
[ ص: 154 ] يقال : هذا يتحقق في كرامات الأولياء ; لأن مثل ذلك الولي لا يجحد ما أوقع من الطلاق حتى يحتاج إلى إثباته عليه بالبينة ; ولأنا نبني الأحكام على الظاهر .
( قال ) : ولو
شهدا بذلك على يومين متفرقين بينهما من الأيام قدر ما يسير الراكب من الكوفة إلى مكة تقبل شهادتهما ; لأن تهمة الكذب هنا منتفية ; لظهور عدالتهما ، وإنما تعدد مكان ما شهدا به ، وباختلاف المكان لا يختلف المشهود به ، وهو الطلاق .