وعلى هذا لو
شهد شاهدان أنه أعتق عبده سالما يوم النحر بمكة فأعتقه القاضي ثم شهد آخران أنه أعتق سريعا يوم النحر بالكوفة لم تجز شهادتهما ، وإن جاءت البينتان معا لم تقبل ، واحدة منهما ، وهذا ، والأول سواء ، وإن ردهما ثم ماتت إحدى البينتين فأعاد الآخر بينته تلك لم يقبل القاضي شهادتهم ; لأنه قد ردها للتهمة فلا يقبلها أبدا كما لو رد شهادة الفاسق ثم تاب فأعادها وإن لم تمت واحدة من البينتين حتى جاء أحد الغلامين بشاهدين آخرين يشهدان على ما شهدت به البينة الأولى ، وجاء الآخر بشهوده الذين كانوا شهدوا فإن القاضي يجيز شهادة الآخرين اللذين لم يكونا شهدا عنده ; لأن شهادة الفريقين الأولين قد بطلت للتعارض ، وصارت كالمعدومة وإنما بقي شهادة الفريق الثاني لأحدهما ، ولا معارض له فثبت المشهود به بشهادتهما ، ولا يعتبر بما أعاده العبد الثاني ; لأن تلك شهادة حكم ببطلانها ، وكما لا تقوم حجة القضاء بمثل هذه الشهادة فكذلك المعارضة لا تثبت بها ، والله سبحانه ، وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .