( قال ) :
أمة معتقة ولدت من عبد فالولد مولى لموالي أمه ، فإن أعتق الولد وأمه فموالاته موالاة لموالي الأم بمنزلة موالاة الأم لو كانت هي التي أعتقها ، وكذلك إن أسلم على يد الولد رجل ووالاه فهو مولى لموالي الأم أيضا يعقلون عنه ويرثونه ; لأن ولدها كنفسها ولو أسلم على يدها ووالاها كان مولى لمواليها فهذا مثله ، فإن أعتق الأب بعد ذلك جر ولاؤها ولاء كلهم حتى يكون مولى لموالي الأب ; لأن ولاء الأم انجر إلى قوم الأب فكذلك ما ينبني عليه من ولاء معتقه ومولاه وهذا لأن نسبة معتقه ومولاه إلى قوم الأم كان بواسطة ، وقد انقطعت هذه الواسطة حين صار هو منسوبا إلى قوم الأب ، ويستوي إن كان ولد المعتقة حيا أو ميتا له ولد أو ليس له ولد لأنه تبع في حكم الولاء لمعتق أمه وبقاء الأصل يغني عن اعتبار بقاء التبع ; لأن ثبوت الحكم في التبع بثبوته في الأصل ولا يرجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما غرموا من أرش جنايته لأنهم غرموا ذلك حين كان مولى لهم حقيقة فإن حكم جر الولاء في الولد ثبت مقصورا على الحال لأن سببه وهو عتق الأب مقصور غير مستند إلى وقت سابق وكذلك حكمه بخلاف الملاعن إذا أكذب نفسه وقد عقل جناية الولد قوم أمه
[ ص: 91 ] فإنهم يرجعون على عاقلة الأب بذلك ; لأن النسب يثبت من وقت العلوق فتبين بإكذابه نفسه أنه كان ثابت النسب منه حين علق وقوم الأم كانوا مجبرين على أداء الأرش فلا يكونون متبرعين في ذلك .
ولو لم يعتق الأب فأراد المولى الذي أسلم على يدي أبيه أن يتحول بولائه إلى ملك أبيه وقد عقل عنه موالي الأم لم يكن له ذلك ; لأن عقده مع الابن تأكد بحصول المقصود به فلا يحتمل الفسخ وفي التحول إلى غيره فسخ الأول بخلاف ما إذا أعتق الأب فإنه ليس في تحول ولائه إلى موالي الأب فسخ ذلك العقد الذي جرى بينه وبين الابن بل فيه تأكيد ذلك ولأن هذا التحول يثبت حكما لضرورة اتباع التبع الأصل والأول يكون عن قصد منه وقد يثبت الشيء حكما في موضع لا يجوز إثباته قصدا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .