صفحة جزء
ثم ( يقول سمع الله لمن حمده ويقول من خلفه : ربنا لك الحمد ) ولم يقلها الإمام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويقولها في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد } ، وعن علي رضي الله عنه قال ثلاث يخفيهن الإمام ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه أربع يخفيهن الإمام ، وفي جملته ربنا لك الحمد ولأنا لا نجد شيئا من أذكار الصلاة يأتي به المقتدي دون الإمام فقد يختص الإمام ببعض الأذكار كالقراءة ولأبي حنيفة رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم : { وإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد } ، فقسم هذين الذكرين بين الإمام والمقتدي ومطلق القسمة يقتضي أن لا يشارك كل واحد منهما صاحبه في قسمه ولأن المقتدي يقول ربنا لك الحمد عند قول الإمام سمع الله لمن حمده فلو قال الإمام ذلك لكانت مقالته بعد مقالة المقتدي وهذا خلاف موضوع الإمامة . وتأويل الحديث المرفوع [ ص: 21 ] في التهجد حالة الانفراد وبه نقول ، فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذكرين وعن أبي حنيفة فيه روايتان في رواية الحسن هكذا ، وفي رواية أبي يوسف قال يقول ربنا لك الحمد ولا يقول سمع الله لمن حمده ، وهو الأصح ; لأنه حث لمن خلفه على التحميد وليس خلفه أحد ، وعلى قول الشافعي رضي الله تعالى عنه كل مصل يجمع بين الذكرين وهذا بعيد ، فإن الإمام يحث من خلفه على التحميد ، فلا معنى لمقابلة القوم إياه بالحث بل ينبغي أن يشتغلوا بالتحميد . والشافعي رضي الله تعالى عنه يزيد على هذا ما نقل في حديث علي رضي الله تعالى عنه : { ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد } إلخ ، وتأويله عندنا في التهجد .

التالي السابق


الخدمات العلمية