[ ص: 119 ] باب الإقرار بالولاء
( قال ) : رضي الله عنه
رجل أقر أنه مولى فلان مولى عتاقة من فوق أو من تحت ، وصدقه الآخر فهو مولى له ، ويعقل عنه قومه ; لأن الولاء كالنسب والإقرار بالنسب صحيح من الأب والابن جميعا فكذلك الإقرار بالولاء ; وهذا لأن الأسفل يقر على نفسه بأنه منسوب إلى الأعلى بالولاء ، والأعلى يقر على نفسه بأنه منسوب إليه ، وأن عليه نصرته ، وإقرار كل واحد منهما على نفسه نافذ ، وإن كان له أولاد كبار وأنكروا ذلك وقالوا : أبونا مولى عتاقة لفلان آخر ، فالأب يصدق على نفسه ، والأولاد مصدقون على أنفسهم ; لأنه لا ولاية للأب عليهم بعد البلوغ في عقد الولاء ، فكذلك في الإقرار به وهم يملكون مباشرة عقد الولاء على أنفسهم بعد البلوغ فيملكون الإقرار به ، وإذا ثبت هذا في ولاء الموالاة فكذلك في ولاء العتاقة ; لأنهما في النسبة والنصرة سواء ، وإن كان الأولاد صغارا كان الأب مصدقا عليهم ; لأنه يملك مباشرة عقد الولاء عليهم بولاية الأبوة ، فينفذ إقراره عليهم أيضا ; ولأن الصغار من الأولاد يتبعونه في الإسلام ، ولا يعتبر اعتقادهم بخلافه فإن
كانت لهم أم فقالت أنا مولاة فلان ، وصدقها مولاها بذلك ، فالولد مولى موالي الأب ; لأن كل واحد من الأبوين أصل في حق نفسه ، ولو كان ولاء كل واحد منهما معروفا كان الولد مولى لموالي الأب ، ولو
قالت الأم للأب : أنت عبد فلان . وقال : كنت عبد فلان فأعتقني وصدقه فلان فالقول قول الأب ; لأن بتصادقهما ظهر في جانب الأب ولاء ، فلا يلتفت إلى قولهما في حق الولد بعد ذلك ، وكذلك لو قالت : هم ولدي من غيرك ; لأن الولد للفراش ، وفراش الزوج عليها ظاهر فلا تصدق فيما تدعي من فراش آخر غير معلوم ، ولو
قالت ولدته بعد عتقي بخمسة أشهر فهو مولى لموالي وقال الزوج : ولدتيه بعد عتقك بستة أشهر . فالقول قول الزوج لأن الولاء كالنسب ، وفي مثل هذا لو
اختلفا في النسب بأن قالت المرأة : ولدته بعد النكاح لأقل من ستة أشهر . وقال الزوج : بل لستة أشهر . كان القول قول الزوج لظهور فراشه عليها في الحال ، فكذلك في الولاء لظهور ولاء الأب في الحال ، وهو موجب جر ولاء الولد ما لم يعلم أنه كان مقصودا بالعتق .