باب اليمين في الركوب ( قال ) رضي الله عنه وإذا
حلف لا يركب دابة فركب حمارا أو فرسا أو برذونا أو بغلا حنث وكذلك إن ركب غيرها من الدواب كالبعير والفيل ; لأن اسم الدابة يتناوله حقيقة وعرفا فإن الدابة ما يدب على الأرض قال تعالى {
وما من دابة في الأرض } الآية وفي الاستحسان لا يحنث لعلمنا أنه لم يرد التعميم في كل ما يدب على الأرض وقد وقع يمينه على فعل الركوب
[ ص: 13 ] فيتناول ما يركب من الدواب في غالب البلدان وهو الخيل والبغال والحمير وقد تأيد ذلك بقوله تعالى {
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } وإنما ذكر الركوب في هذه الأنواع الثلاثة فأما في الأنعام ذكر منفعة الأكل بقوله {
والأنعام خلقها لكم } وبأن كان يركب الفيل والبعير في بعض الأوقات فذلك لا يدل على أن اليمين يتناوله ، ألا ترى أن البقر والجاموس يركب في بعض المواضع ؟ ثم لا يفهم أحد من قول القائل : فلان ركب دابة البقر إلا أن ينوي جميع ذلك فيكون على ما نوى ; لأنه نوى حقيقة كلامه وفيه تشديد عليه .
وإن عني الخيل وحده لم يدن في الحكم ; لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام ، وإن قال : لا أركب وعني الخيل وحدها لم يدن في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى ; لأن في لفظه فعل الركوب ، والخيل ليس بمذكور ، ونية التخصيص تصح في الملفوظ دون ما لا لفظ له .
وإن
حلف لا يركب فرسا فركب برذونا لم يحنث وكذلك إن
حلف لا يركب برذونا فركب فرسا لم يحنث ; لأن البرذون فرس العجم والفرس اسم العربي ، فهو كما لو حلف لا يكلم عربيا فكلم عجميا أو على عكس هذا لم يحنث .
وإن
حلف لا يركب شيئا من الخيل فركب فرسا أو برذونا حنث ; لأن اسم الخيل يجمع الكل قال الله تعالى {
ومن رباط الخيل } الآية ، وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14173الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة } ولهذا يستحق الغازي السهم بالبرذون والفرس جميعا .
وإن
حلف لا يركب دابة فحمل عليها مكرها لم يحنث ; لأنه عقد يمينه على فعله في الركوب وهو ما ركبها بل حمل عليها مكرها ، ألا ترى أن الحمل يتحقق فيما يستحيل نسبة الفعل إليه كالجمادات .
وإن ركب دابة عريانا أو بسرج أو إكاف حنث ; لأنه ركبها والركوب بهذه الأوصاف معتاد .