( قال )
رجل قذف رجلا قدام القاضي فله أن يضربه الحد ، وإن لم يشهد به غيره ; لأن العلم الذي يقع له بمعاينة السبب فوق العلم الذي يثبت له بشهادة الشاهدين ، وفي حد القذف معنى حق العبد فهو كالقصاص وسائر حقوق العباد فالقاضي يقضي في ذلك بعلمه ، وإن علمه قبل أن يستقضي ثم استقضى فليس له أن يقيم الحد بعلمه حتى يشهد الشاهد عنده في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى له أن يقضي بعلمه ; لأن علمه بمعاينة السبب لا يختلف بعد ما قلد القضاء وقبله
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : حين عاين السبب استفاد علم الشهادة فلا يتغير ذلك بتقليد القضاء بخلاف ما إذا علم ، وهو قاض ; لأنه حين عاين السبب استفاد علم القضاء توضيحه أن معاينة السبب بمنزلة شهادة الشهود في الفصلين عنده ، ولو شهد الشاهدان عنده قبل أن يستقضي ثم استقضى لم يكن له أن يقضي بذلك ، فكذلك إذا عاين السبب فأما في الحدود التي هي خالص حق الله تعالى كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر فإن عاين السبب في حالة القضاء فليس له أن يقضي بعلمه استحسانا ، وفي القياس له ذلك ; لأن علمه بمعاينة السبب أقوى من علمه بشهادة الشهود عنده ، ولكنه استحسن لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أرأيت لو لقيت رجلا على الزنا ما كنت أصنع به فقال شهادتك عليه كشهادة واحد من المسلمين فقال صدقت وروي
[ ص: 125 ] نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه والمعنى فيه أن الإمام نائب في استيفاء ما وجب لحق الله تعالى فمن هذا الوجه يشبه الخصم ، ومجرد علم الخصم لا يكفي للقضاء فلا يتمكن القاضي من الاستيفاء توضيحه أنه لو سمع إقراره بذلك ثم جحد لم يكن له أن يقيم عليه الحد والمقر به في حق المقر كالمعاين بخلاف حد القذف والقصاص وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة أن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا رحمه الله تعالى رجع عن هذا فقال لا يقضي بعلم نفسه في شيء من الحدود ; لأنه هو المستوفي لذلك كله ، وإذا اكتفى بعلم نفسه اتهمه الناس فعليه أن يتحرز عن موضع التهمة