( قال ) فإن
حكم عليه بالقطع في السرقة فقطع رجل يده اليمنى من غير إذن الإمام فلا شيء عليه ; لأنه سقطت قيمة يده بقضاء الإمام عليه بالقطع فالقاطع استوفى يدا لا قيمة لها فلم يكن ضامنا ، ولكن الإمام يؤدبه على ذلك ; لأنه أساء الأدب حين قطعه قبل أن يأمر الإمام به ، وإن
أمر القاضي الحداد بقطع يده اليمنى فأخطأ وقطع يده اليسرى فهو ضامن في القياس ; لأن بالقضاء بالقطع في اليد اليمنى لم تخرج اليد اليسرى من أن تكون محترمة متقومة فقطعها خطأ قبل القضاء وبعده سواء ، وفي الاستحسان لا شيء عليه ; لأن فعله حصل في موضع الاجتهاد ، فإن المنصوص عليه قطع اليد من السارق ، وقد قطع اليد واجتهد ، وإن أخطأ فلا
[ ص: 176 ] ضمان عليه إذا كان فعله في موضع الاجتهاد يوضحه أنه ، وإن فوت عليه اليسرى ، فقد عوض اليمنى ; لأنه لا تقطع يده اليمنى بعد هذا وما عوضه من جنس ما فوت عليه فهو خير له مما فوت عليه ; لأن منفعة البطش في اليد اليمنى أظهر والإتلاف بعوض لا يوجب الضمان ، وإن تعمد ذلك ، فإن كان السارق أخرج يده اليسرى فقال : اقطعها فلا ضمان عليه بالاتفاق ; لأنه قطعها بإذن صاحب اليد ، ألا ترى أن من قطع يد الغير بإذنه من غير أن يكون قطعه مستحقا بالسرقة لم يكن ضامنا شيئا ؟ فهذا أولى ، وإن لم يكن أمره بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14954فأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى أخذا بالقياس هاهنا وقالا : يضمن الحداد ; لأنه جان فيما صنع متعد فيكون ضامنا ، كما لو قطع رجله أو أنفه
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله تعالى أخذ بالاستحسان لما بينا أن الحداد مجتهد وفعله حصل في موضع الاجتهاد بخلاف ما لو قطع رجله أو أنفه ، ولأنه عوضه من جنس ما فوت عليه ما هو خير منه والإتلاف بعوض لا يوجب الضمان على المتعدي كالشهود إذا شهدوا عليه ببيع مال بمثل قيمته ، فأما إذا قطع أنفه فلم يعوضه مما أتلف عليه شيئا ; لأن القطع في اليد لا يسقط عنه بذلك ، وإن قطع رجله اليسرى فلم يعوضه شيئا ; لأن القطع لا يسقط عنه بهذا ، وإن قطع رجله اليمنى فلم يعوضه من جنس ما فوت عليه ; لأن منفعة البطش ليست من جنس منفعة المشي