وإذا
أراد قوم من المسلمين أن يغزوا أرض الحرب ولم تكن لهم قوة ولا مال فلا بأس بأن يجهز بعضهم بعضا ويجعل القاعد للشاخص وقد بينا ذلك في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه والمعنى فيه أن الجهاد بالنفس تارة وبالمال أخرى والقادر على الخروج بنفسه يحتاج إلى مال كثير ليتمكن به من الخروج وصاحب المال يحتاج إلى مجاهد يقوم بدفع أذى المشركين عنه وعن ماله فلا بأس بالتعاون بينهما والتناصر ليكون القاعد مجاهدا بما له والخارج بنفسه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80693والمؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضا } ثم دافع المال إلى الخارج ليغزو بما له يعينه على إقامة الفرض وذلك مندوب إليه في الشرع وإن كانت عندهم قوة أو عند الإمام كرهت ذلك أما إذا كان في بيت المال فذلك المال في يد الإمام معد لمثل هذه الحاجة فعليه أن يصرفه إليها ولا يحل له أن يأخذ من المسلمين شيئا لاستغنائه عن ذلك بما في يده وكذلك إن كان الغازي صاحب مال فلا حاجة به إلى الأخذ من غيره وتمام الجهاد بالمال والنفس ولأنه لو أخذ من غيره مالا فعمله في الصورة كعمل من يعمل بالأجرة فلا يكون ذلك لله تعالى خالصا .
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لذلك
[ ص: 76 ] الأجير بكم استؤجرت ؟ قال : بدينارين قال {
: إنما لك دينارك في الدنيا والآخرة } ولأن الاشتراك ينفي معنى العبادة قال صلى الله عليه وسلم فيما يؤثر عن ربه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80695من عمل لي عملا وأشرك فيه غيري فهو كله لذلك الشريك وأنا منه بريء } فلهذا يكره له الإشراك بأخذ المال من غيره إذا كان مستغنيا عنه وإذا وجد من يكفيه الحرس فالصلاة بالليل أفضل له من الحرس وكل واحد منهما طاعة أما الصلاة بالليل فظاهر وأما الحرس فلقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80696ثلاث أعين لا تمسها نار جهنم عين غضت من محارم الله تعالى وعين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله } إلا أنه إذا كان له من يكفيه الحرس فالصلاة أولى لأنها عبادة بجميع البدن فهي تنهى عن الفحشاء وتدفع الخواطر الردية وتمنع اللغو فالاشتغال بها أولى وإن لم يجد من يكفيه الحرس فإن أمكنه أن يجمع بين الصلاة والحرس فالجمع بينهما أفضل وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى في السير الكبير عن بعض الصحابة أنه كان يجمع بينهما وإذا تعذر عليه الجمع بينهما فالحرس أفضل لأنه أعم نفعا وقال صلى الله عليه وسلم {
: خير الناس من ينفع الناس } ولأن الصلاة بالليل ممكن إذا رجع إلى أهله ولا يتمكن من الحرس إلا في هذا الموضع فالاشتغال في هذا الموضع بما هو متعين أولى وهو كالطواف بالبيت للغرباء أفضل من الصلاة بخلاف أهل
مكة .