قوم ارتدوا عن الإسلام وحاربوا المسلمين ، وغلبوا على مدينة من [ ص: 114 ] مدائنهم في أرض الحرب ، ومعهم نساؤهم وذراريهم ثم ظهر المسلمون عليهم ، فإنه تقتل رجالهم ، وتسبى نساؤهم وذراريهم ، والحاصل أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى إنما تصير دارهم دار الحرب بثلاث شرائط : أحدها : أن تكون متاخمة أرض الترك ليس بينها وبين أرض الحرب دار للمسلمين ، والثاني : أن لا يبقى فيها مسلم آمن بإيمانه ، ولا ذمي آمن بأمانه ، والثالث : أن يظهروا أحكام الشرك فيها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى إذا أظهروا أحكام الشرك فيها فقد صارت دارهم دار حرب ; لأن البقعة إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القوة والغلبة ، فكل موضع ظهر فيه حكم الشرك فالقوة في ذلك الموضع للمشركين فكانت دار حرب ، وكل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام فالقوة فيه للمسلمين ، ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعتبر تمام القهر والقوة ; لأن هذه البلدة كانت من دار الإسلام محرزة للمسلمين فلا يبطل ذلك الإحراز إلا بتمام القهر من المشركين ، وذلك باستجماع الشرائط الثلاث ; لأنها إذا لم تكن متصلة بالشرك فأهلها مقهورون بإحاطة المسلمين بهم من كل جانب ، فكذلك إن بقي فيها مسلم أو ذمي آمن فذلك دليل عدم تمام القهر منهم ، وهو نظير ما لو أخذوا مال المسلم في دار الإسلام لا يملكونه قبل الإحراز بدارهم لعدم تمام القهر ، ثم ما بقي شيء من آثار الأصل فالحكم له دون العارض كالمحلة إذا بقي فيها واحد من أصحاب الخطة فالحكم له دون السكان والمشترين .
وهذه الدار كانت دار إسلام في الأصل فإذا بقي فيها مسلم أو ذمي فقد بقي أثر من آثار الأصل فيبقى ذلك الحكم ، وهذا أصل
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى قال : إذا اشتد العصير ، ولم يقذف بالزبد لا يصير خمرا لبقاء صفة السكون ، وكذلك حكم كل موضع معتبر بما حوله فإذا كان ما حول هذه البلدة كله دار إسلام لا يعطى لها حكم دار الحرب كما لو لم يظهر حكم الشرك فيها ، وإنما استولى المرتدون عليها ساعة من نهار ، ثم في كل موضع لم تصر الدار دار حرب ، فإذا ظهر المسلمون عليها قتلوا الرجال ، وأجبروا النساء والذراري على الإسلام ، ولم يسب واحد منهم ، وفي كل موضع صار دار حرب فالنساء ، والذراري ، والأموال فيء فيه الخمس ، ويجبرون على الإسلام لردتهم فلا يحل لمن وقعت امرأة منهم في سهمه أن يطأها ما دامت مرتدة ، وإن كانت متهودة أو متنصرة ; لأن الردة تنافي الحل ، وإنما يحل بملك اليمين من يحل بالنكاح ، فإن كان عليها دين فقد بطل بالسبي ; لأنها صارت أمة ، وما كان من الدين على حرة لا يبقى بعد أن تصير أمة ; لأن بالرق تتبدل نفسها ، ولأن الدين لا يجب على المملوك إلا شاغلا مالية رقبته
[ ص: 115 ] وهذه مالية حادثة بالسبي فتخلص للسابي ; فلهذا لا يبقى الدين عليها .