صفحة جزء
فأما عبدة الأوثان من العجم فلا خلاف في جواز استرقاقهم ، وإنما الخلاف في جواز أخذ الجزية منهم فعندنا يجوز ذلك ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز بمنزلة عبدة الأوثان من العرب فإن الله تعالى خص أهل الكتاب بحكم الجزية بقوله تعالى { ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } وزعم الشافعي أن المجوس أهل كتاب أنه فيه أثرا عن علي رضي الله عنه أنه قال : كان لهم كتاب يقرءون إلى أن واقع ملكهم ابنته فأصبحوا وقد أسرى بكتابهم . حديث فيه طول

( وحجتنا ) في ذلك أن الجزية تؤخذ من المجوس بالاتفاق ، ولا كتاب لهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال { سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب } ففي هذا تنصيص على أنه لا كتاب لهم ، وقال الله تعالى { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } ، ولو كان للمجوس كتاب لكانوا ثلاث طوائف ، والأثر بخلاف نص القرآن لا يكاد يصح عن علي رضي الله عنه فثبت أن لا كتاب للمجوس ، ومع ذلك تؤخذ منهم الجزية ، وهم مشركون ، فإنهم يدعون الاثنين ، وإن اختلفت عبارتهم في ذلك من النور والظلمة أو يزدان واهر من ، وليس الشرك إلا هذا ، فإذا جاز أخذ الجزية منهم فكذلك من غيرهم من المشركين ، وقد { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر } ، وبهذا تبين أن ذكر أهل الكتاب في الآية ليس لتقييد الحكم بل لبيان جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب ، ومن أصلنا أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية