قوم غزوا أرض الحرب فارتد منهم طائفة ، واعتزلوا عسكرهم ، وحاربوا ، ونابذوهم فأصاب المسلمون غنيمة ، وأصاب أولئك المرتدون غنيمة من أهل الشرك ثم تابوا قبل أن يخرجوا من دار الحرب لم يشارك أحد الفريقين الآخر فيما أصابوا ; لأن بعضهم لم يكن ردءا للبعض ، فالمسلمون لا ينصرون المرتدين ، ولا يستنصرون بالمرتدين إذا حزبهم أمر ، وإن مصاب المرتدين ليس بغنيمة إذا لم يكن قصدهم عند الإصابة إعزاز الدين ، والمرتدون في حق
[ ص: 120 ] المسلمين كأهل الحرب ، فإنهم في دار الحرب ، وأهل الحرب إذا أسلموا والتحقوا بالجيش لم يشاركوهم فيما أصابوا قبل ذلك ، وكذلك المرتدون إلا أن يلقوا قتالا فيقاتلوا قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام فحينئذ يشارك بعضهم بعضا ; لأنهم قاتلوا دفعا عن ذلك المال فكأنهم أصابوه بهذا القتال ، واشتركوا في إحرازه بالدار ، فيشارك بعضهم بعضا في ذلك ، ثم هذا فيما أصابه المسلمون غير مشكل بمنزلة من أسلم من أهل الحرب ، والتحق بالجيش إذا لقوا قتالا فقاتل بعضهم ، وما أصاب المرتدون ، وإن لم يكن له حكم الغنيمة ، فإنه يأخذ حكم الغنيمة بهذا القتال كالمتلصص إذا أصاب مالا ثم لحقه جيش المسلمين ، فإن مصابه يأخذ حكم الغنيمة حتى يخمس ، ولا شيء على من قتل المرتدين قبل أن يدعوهم إلى الإسلام ; لأنهم بمنزلة كفار قد بلغتهم الدعوة ، فإن جددوها فحسن ، وإن قاتلوهم قبل أن يدعوهم فحسن .