وإذا
تاب أهل البغي ، ودخلوا إلى أهل العدل لم يؤخذوا بشيء مما أصابوا ، يعني بضمان ما أتلفوا من النفوس ، والأموال ، ومراده إذا أصابوا ذلك بعد ما تجمعوا ، وصاروا أهل منعة ، فأما ما أصابوا قبل ذلك ضامنون لذلك ; لأنا أمرنا
[ ص: 128 ] في حقهم بالمحاجة والإلزام بالدليل ، فلا يعتبر تأويلهم الباطل في إسقاط الضمان قبل أن يصيروا أهل منعة ، فأما بعد ما صارت لهم منعة فقد انقطع ولاية الإلزام بالدليل حسا فيعتبر تأويلهم ، وإن كان باطلا في إسقاط الضمان عنهم كتأويل أهل الحرب بعد ما أسلموا ، والأصل فيه حديث
الزهري قال : وقعت الفتنة ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا متوافرين فأنفقوا على أن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل فرج استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل مال أتلف بتأويل القرآن فهو موضوع ، وما كان قائما بعينه في أيديهم فهو مردود على صاحبه ; لأنهم لم يملكوا ذلك بالأخذ كما أنا لا نملك عليهم ما لهم ، والتسوية بين الفئتين المتقاتلتين بتأويل الدين في الأحكام أصل ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد قال : أفتيهم إذا تابوا بأن يضمنوا ما أتلفوا من النفوس ، والأموال ، ولا ألزمهم ذلك في الحكم وهذا صحيح ، فإنهم كانوا معتقدين الإسلام ، وقد ظهر لهم خطؤهم في التأويل إلا أن ولاية الإلزام كان منقطعا للمنعة فلا يجبر على أداء الضمان في الحكم ، ولكن يفتى به فيما بينه وبين ربه ، ولا يفتي أهل العدل بمثله ; لأنهم محقون في قتالهم وقتلهم ممتثلون للأمر .