صفحة جزء
( قال ) وإذا حمل العادل على الباغي في المحاربة فقال : قد تبت وألقى السلاح كف عنه ; لأنه إنما يقاتله ليتوب ، وقد حصل المقصود فهو كالحربي إذا أسلم ، ولأنه يقاتله دفعا لبغيه وقتاله ، وقد اندفع ذلك حين ألقى السلاح ، وكذلك لو قال كف عني حتى أنظر في أمري فلعلي أتابعك ، وألقي السلاح ; لأنه استأمن لينظر في أمره فعليه أن يجيبه إلى ذلك رجاء أن يحصل المقصود بدون القتال ، وفي حق أهل الحرب لا يلزمه إعطاء الأمان ; لأن الداعي إلى المحاربة هناك شركه ، ولا ينعدم ذلك بإلقاء السلاح ، وههنا أهل البغي مسلمون ، وإنما يقاتلون لدفع قتالهم ، فإذا ألقى السلاح واستمهله كان عليه أن يمهله ، ولو قال أنا على دينك ، ومعه السلاح لم يكف عنه بذلك ; لأنه صادق فيما قال ، وقد بينا أن البغاة مسلمون ، وقد كان العادل مأمورا بقتالهم مع علمه بذلك فلا يتغير ذلك بإخبار إياه بذلك ، وهذا لأنه ما دام حاملا للسلاح فهو قاصد للقتال إن تمكن منه فيقتله دفعا لقتاله .

التالي السابق


الخدمات العلمية