وإذا
اشتد رجل على رجل في المصر بعصا أو حجر فقتله المشدود عليه بحديدة قتل به في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى : إذا اشتد عليه بشيء لو قتله به قتله فقتله المشدود عليه فدمه هدر ، وينبغي له أن يقتله ، وهذه المسألة تنبني على مسألة كتاب الديات أن القتل بالحجر والعصا لا يوجب القصاص عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله
وعندهما ما لا يثبت من الحجر الكبير والعصا بمنزلة السلاح في أنه يجب القصاص به ، بخلاف العصا الصغير ، ثم المشدود عليه يتمكن من دفع شر القتل عن نفسه إذا صار مقصودا بالقتل ، وإقدامه على ما هو مباح له أو مستحق عليه شرعا لا يوجب عليه شيئا ، فإذا كان عندهما الحجر الكبير كالسلاح فنقول : الشاد لو حقق مقصوده لزمه القصاص ، فبمجرد قصده يهدر دمه بل أولى ; لأن هدر الدم واباحة القتل بمجرد القصد أسرع ثبوتا حتى كان للابن أن يقتل أباه إذا قصده دفعا للضرر ، وإن كان لو حقق مقصوده لا يلزمه القود ، وكذلك الصبي والمجنون إذا قصد قتل إنسان بالسلاح يباح قتله دفعا ، وإن كان لو حقق مقصوده لا يلزمه القصاص ، ثم ما لا يثبت
عندهما آلة القتل كالسلاح ، فالمقصود بالقتل دفع شر القتل عن نفسه فلا يلزمه شيء ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة العصا والحجر ليس بآلة القتل فهو لا يدفع القتل عن نفسه ، وإنما يدفع الأذى عن نفسه ، وبالحاجة إلى دفع الأذى لا يباح له الإقدام على القتل ، ولأن الشاد لو حقق مقصوده لا يلزمه القصاص ، فبمجرد القصد أيضا لا يهدر دمه .
( فإن قيل ) إن كان لا يخاف على نفسه من جهة القتل بخلاف الجرح ، وحرمة أطرافه لا تكون دون حرمة ماله ، ولو قصد ماله كان له أن يقتله دفعا فهنا أولى . ( قلنا ) بناء هذا الحكم على قصده ، وقصده ههنا النفس لا الطرف ، والمشدود عليه لا يخاف القتل من جهة ; لأنه في المصر بالنهار فيلحقه الغوث قبل أن يأتي على نفسه ، فلهذا
[ ص: 135 ] لا يباح الإقدام على قتله ، بخلاف ما إذا كان بالليل أو كان بالليل أو كان بالمفازة ; لأن الغوث بالبعد منه عادة ، فإلى أن ينتبه الناس ، ويخرجوا ربما يأتي على نفسه فكان هو دافعا شر القتل عن نفسه ، وبخلاف السلاح فإنه آلة القتل من حيث إنه جارح ، فالظاهر أنه يأتي على نفسه قبل أن يلحقه الغوث فيباح له أن يقتله دفعا فلا يلزمه به شيء ، ولا يفصل بين قصده إلى المال أو إلى النفس بل هو على التقسيم الذي قلنا سواء أراد نفسه أو ماله ، ومقصوده من إيراد هذه المسألة ههنا الفرق بين اللصوص ، وبين أهل البغي ، فإن في حق اللصوص المنعة تجردت عن تأويل ، وقد بينا أن في حق أهل البغي أن المغير للحكم اجتماع المنعة والتأويل ، وأنه إذا تجرد أحدهما عن الآخر لا يتغير الحكم في حق ضمان المصاب ، والعبد في جميع ما ذكرنا كالحر ، وعلى هذا لو أن
لصوصا غير متأولين غلبوا على مدينة فقتلوا الأنفس واستهلكوا الأموال ، ثم ظهر عليهم أهل العدل أخذوا بجميع ذلك لتجرد المنعة عن التأويل .