والكلام ههنا في فصول : ( أحدها : )
مفاداة الأسير بمال يؤخذ من أهل الحرب ، فإن ذلك لا يجوز عنده ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى يجوز بالمال العظيم ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى في السير الكبير أن ذلك يجوز إذا كان بالمسلمين حاجة إلى المال لقوله تعالى {
فإما منا بعد وإما فداء } ، والمراد به الأسارى بدليل أول الآية فشدوا الوثاق {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80733، ولما شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله تعالى عنهم في الأسارى يوم بدر أشار أبو بكر رضي الله عنه بالمفاداة ، فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك } لما رأى من حاجة أصحابه إلى المال في ذلك الوقت ، والمعنى فيه أن استرقاق الأسير جائز ، وفيه منفعة للمسلمين من حيث المال ، فإذا فادوه بمال عظيم فمنفعة المسلمين من حيث المال في ذلك أظهر فيجوز ذلك ، ولا يجوز قتله ، وفيه إبطال الغانمين عنه بغير عوض ، فلأن يجوز بعوض ، وهو المال
[ ص: 139 ] الذي يفادى به كان أولى .
( وحجتنا ) في ذلك قوله تعالى {
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } فبهذا تبين أن قتل المشرك عند التمكن منه فرض محكم ، وفي المفاداة ترك إقامة هذا الفرض ، وسورة براءة من آخر ما نزل فكانت هذه الآية قاضية على قوله تعالى {
فإما منا بعد وإما فداء } على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من مفاداة الأسارى يوم
بدر كيف وقد قال تعالى {
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } ، وقال صلى الله عليه وسلم : {
لو نزل العذاب ما نجا منه إلا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر } ، فإنه كان أشار بقتلهم واستقصى في ذلك ، وقال تعالى : {
وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم } فما أخبر الله تعالى عن الأمم السالفة على وجه الإنكار عليهم ففائدتنا أن لا نفعل مثل ما فعلوا ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه في الأسير حيث قال لا تفادوه ، وإن أعطيتم به مدين من ذهب ، ولأنه صار من أهل دارنا فلا يجوز إعادته إلى دار الحرب ليكون حربا علينا بمال يؤخذ منه كأهل الذمة ، وبه فارق الاسترقاق ; لأن في ذلك تقرير كونه من أهل دارنا لا لمقصود المال كأخذ الجزية من أهل الذمة ، ولأن تخلية سبيل المشرك ليعود حربا للمسلمين معصية ، وارتكاب المعصية لمنفعة المال لا يجوز ، وقتل المشرك فرض ، ولو أعطونا مالا لترك الصلاة لا يجوز لنا أن نفعل ذلك مع الحاجة إلى المال فكذلك لا يجوز ترك قتل المشرك بالمفاداة ، يوضحه أن في هذا تقوية المشركين بمعنى يختص بالقتال ، وذلك لا يجوز لمنفعة المال كما لا يجوز بيع الكراع والسلاح منهم بل أولى ; لأن قوة القتال بالمقاتل أظهر منه بآلة القتال ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى قال : لا يجوز
المفاداة للشيخ الكبير الذي لا يرجى له نسل ، ولا رأي له في الحرب بالمال ; لأن مثله لا يقتل ، وليس في المفاداة ترك القتل المستحق ، ولا تقوية المشركين بإعادة المقاتل إليهم فهو كبيع الطعام وغيره من الأموال منهم .