والكرخي رحمه الله تعالى في كتابه ذكر مسائل هذا الكتاب وسماه كتاب الحظر والإباحة لما فيه من بيان ما يحل ويحرم من المس والنظر ولو سماه كتاب الزهد والورع كان مستقيما لأنه بين فيه غض البصر وما يحل ويحرم من المس والنظر وهذا
[ ص: 146 ] هو الزهد والورع ثم بدأ الكتاب بمسائل النظر وهو ينقسم أربعة أقسام
نظر الرجل إلى الرجل ونظر المرأة إلى المرأة والمرأة إلى الرجل والرجل إلى المرأة ، أما بيان القسم الأول فإنه يجوز للرجل أن ينظر إلى الرجل إلا إلى عورته وعورته ما بين سرته حتى يجاوز ركبتيه لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23166 : عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته } وفي رواية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=63686ما دون سرته حتى يجاوز ركبته } وبهذا تبين أن السرة ليست من العورة بخلاف ما يقوله
أبو عصمة سعد بن معاذ أنه أحد حدي العورة فيكون من العورة كالركبة بل هو أولى لأنه في معنى الاشتهاء فوق الركبة .
( وحجتنا ) في ذلك ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته {
وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة للحسن رضي الله عنهما أرني الموضع الذي كان يقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فأبدى عن سرته فقبلها nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه } والتعامل الظاهر فيما بين الناس أنهم إذا اتزروا في الحمامات أبدوا عن السرة من غير نكير منكر دليل على أنه ليس بعورة فأما ما دون السرة عورة في ظاهر الرواية للحديث الذي روينا وكان
أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يقول إلى موضع نبات الشعر ليس من العورة أيضا لتعامل العمال في الإبداء عن ذلك الموضع عند الاتزار وفي النزع عن العادة الظاهرة نوع حرج ; وهذا بعيد لأن التعامل بخلاف النص لا يعتبر وإنما يعتبر فيما لا نص فيه فأما الفخذ عورة عندنا وأصحاب الظواهر يقولون : العورة من الرجل موضع السرة وأما الفخذ ليس بعورة لقوله تعالى {
بدت لهما سوآتهما } والمراد منه العورة وفي الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80737أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حائط رجل من الأنصار وقد دلى ركبته في ركية وهو مكشوف الفخذ إذ دخل أبو بكر رضي الله عنه فلم يتزحزح ثم دخل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فلم يتزحزح ثم دخل عثمان رضي الله عنه فتزحزح وغطى فخذه فقيل له في ذلك فقال : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة } فلو كان الفخذ من العورة لما كشفه بين يدي
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما .
( وحجتنا ) في ذلك ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80738أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يقال له جرهد وهو يصلي مكشوف الفخذ فقال له عليه الصلاة والسلام : وار فخذك أما علمت أن الفخذ عورة } وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب رضي الله عنه نص فيه فأما الحديث الذي رواه فقد ذكر في بعض الروايات أنه كان مكشوف الركبة ثم تأويله أن
أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما حين دخلا جلسا في موضع لم يقع بصرهما
[ ص: 147 ] على الموضع الذي كان مكشوفا منه فلما دخل
عثمان رضي الله عنه لم يبق إلا موضع لو جلس فيه وقع بصره على ركبته فلهذا غطاه فأما الآية فالمراد بالسوأة العورة الغليظة وبه نقول أن العورة الغليظة هي السوأة ولكن حكم العورة ثبت فيما حول السوأتين باعتبار القرب من موضع العورة فيكون حكم العورة فيه أخف فأما الركبة فهي من العورة عندنا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى : ليست من العورة لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80739ما أبدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبته بين يدي جليس قط } وإنما قصد بهذا ذكر الشمائل فلو كانت الركبة من العورة لم يكن هذا من جملة الشمائل لأن ستر العورة فرض ولأنه حد العورة فلا يكون من العورة كالسرة وهذا لأن الحد لا يدخل في المحدود .
( وحجتنا ) في ذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=107831 : الركبة من العورة } وما ذكر في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب {
حتى تجاوز الركبة } دليل على أن الركبة من العورة ولأن الركبة ملتقى عظم الساق والفخذ وعظم الفخذ عورة وعظم الساق ليس بعورة فقد اجتمع في الركبة المعنى الموجب لكونها عورة وكونها غير عورة فترجح الموجب لكونها عورة احتياطا قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34175 : ما اجتمع الحلال والحرام في شيء إلا غلب الحرام الحلال } فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه فالمروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80741ما مد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجليه بين يدي جليس قط } وهذا من الشمائل وإبداء الركبة على ما ذكر في بعض الروايات كناية عن هذا المعنى أيضا ثم حكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ لتعارض المعنيين فيه ولهذا قلنا
من رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازع عليه إن لج وإن
رآه مكشوف الفخذ أنكر عليه بعنف ولا يضربه إن لج وإن
رآه مكشوف العورة أمره بسترها وأدبه على ذلك إن لج ; وما يباح إليه النظر من الرجل فكذلك
المس لأن ما ليس بعورة يجوز مسه كما يجوز النظر إليه