فأما إذا
أعرض عن الجهة التي أدى إليها اجتهاده وصلى إلى جهة أخرى [ ص: 194 ] ثم تبين أنه أصاب القبلة فعليه إعادة الصلاة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله ، وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال : أخشى عليه الكفر لإعراضه عن القبلة عنده ، وروي عنه أيضا أنه قال : أما يكفيه أن لا يحكم بكفره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله تعالى : تجوز صلاته لأن لزوم التحري كان لمقصود وقد أصاب ذلك المقصود بغيره فكان هذا وما لو أصابه بالتحري سواء ، وهذا على أصله مستقيم لأنه يسقط اعتبار التحري إذا تبين الأمر بخلافه كما قال في الزكاة وإذا سقط اعتبار التحري فكأنه صلى إلى هذه الجهة من غير تحر وقد تبين أنه أصاب فتجوز صلاته ، وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى أنه اعتقد فساد صلاته لأن عنده أنه صلى إلى غير القبلة فلا يجوز الحكم بجواز صلاته مع اعتقاده الفساد فيه كما لو
اقتدى بالإمام وهو يصلي إلى غير جهته لم تجز صلاته إذا علم لاعتقاده أن إمامه على الخطأ يوضحه أن الجهة التي أدى إليها اجتهاده صارت بمنزلة القبلة في حقه عملا حتى لو صلى إليها جازت صلاته وإن تبين الأمر بخلافه فصار هو في الإعراض عنها بمنزلة ما لو
كان معاينا الكعبة فأعرض عنها وصلى إلى جهة أخرى فتكون صلاته فاسدة ولهذا لا يحكم بكفره لأن تلك الجهة ما انتصبت قبلة حقيقة في حق العلم وإن انتصبت قبلة في حق العمل ، فإن كان تبين الحال له في خلال الصلاة فنقول أما في هذا الفصل فعليه استقبال الصلاة لأنه لو تبين له بعد الفراغ لزمه الإعادة فإذا تبين في خلال الصلاة أولى ولم يرو عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رضي الله عنه خلاف هذا ، وينبغي أن يكون هذا مذهبه أيضا لأنه قد يقول قوي حاله بالتيقن بالإصابة في خلال الصلاة ، ولا ينبني القوي على الضعيف
كالمومي إذا قدر على الركوع والسجود في خلال الصلاة .
فأما إذا كان مصليا إلى الجهة التي أدى إليها اجتهاده فتبين أنه أخطأ فعليه أن يتحول إلى جهة
الكعبة ويبني على صلاته لأنه لو تبين له بعد الفراغ لم يلزمه الإعادة فكذلك إذا تبين له في خلال الصلاة ، وهذا لأن افتتاحه إلى جهة تلك الجهة قبلة في حقه عملا فيكون حاله كحال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80809أهل قبا حين كانوا يصلون إلى بيت المقدس فأتاهم آت وأخبرهم أن القبلة حولت إلى الكعبة فاستداروا كهيئتهم وهم ركوع ثم جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاتهم } وعلى هذا قالوا لو
صلى بعض الصلاة إلى جهة بالتحري ثم تحول رأيه إلى جهة أخرى يستقبل تلك الجهة ويتم صلاته لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله ولكن في المستقبل يبني على ما أدى إليه اجتهاده ، حتى روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه قال : لو
صلى أربع جهات [ ص: 195 ] بهذه الصفة يجوز ، واختلف المتأخرون فيما إذا
تحول رأيه إلى الجهة الأولى فمنهم من يقول : يستقبل تلك الجهة أيضا فتتم صلاته جريا على طريقة القياس ، ومنهم من يستقبح هذا ويقول : إذا آل الأمر إلى هذا فعليه استقبال الصلاة لأنه كان أعرض عن هذه الجهة في هذه الصلاة فليس له أن يستقبلها في هذه الصلاة أيضا