ومن المختلط الذي هو متصل الأجزاء مسألة
الدهن إذا اختلط به ودك الميتة أو شحم الخنزير وهي تنقسم ثلاثة أقسام : فإن كان الغالب ودك الميتة لم يجز الانتفاع بشيء منه لا بأكل ولا بغيره من وجوه الانتفاع لأن الحكم للغالب وباعتبار الغالب هذا محرم العين غير منتفع به فكان الكل ودك الميتة ، واستدل عليه بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال {
: جاء نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : إن لنا سفينة في البحر وقد [ ص: 198 ] احتاجت إلى الدهن فوجدنا ناقة كثيرة الشحم ميتة أفندهنها بشحمها فقال صلى الله عليه وسلم لا تنتفعوا من الميتة بشيء } وكذلك إن كانا متساويين لأن عند المساواة يغلب الحرام فكان هذا كالأول ، فأما إذا كان الغالب هو الزيت فليس له أن يتناول شيئا منه في حالة الاختيار لأن ودك الميتة وإن كان مغلوبا مستهلكا حكما فهو موجود في هذا المحل حقيقة ، وقد تعذر تمييز الحلال من الحرام ، ولا يمكنه أن يتناول جزءا من الحلال إلا بتناول جزء من الحرام وهو ممنوع شرعا من تناول الحرام ، ويجوز له أن ينتفع بها من حيث الاستصباح ودبغ الجلود بها فإن الغالب هو الحلال فالانتفاع إنما يلاقي الحلال مقصودا ، وقد روينا في كتاب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله تعالى عنه جواز الانتفاع بالدهن النجس لأنه قال : وإن كان مائعا فانتفعوا به دون الأكل وكذلك يجوز بيعه مع بيان العيب عندنا ولا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى لأنه نجس العين كالخمر ولكنا نقول : النجاسة للجار لا لعين الزيت فهو
كالثوب النجس يجوز بيعه وإن كان لا تجوز الصلاة فيه وهذا لأن إلى العباد إحداث المجاورة بين الأشياء لا تقليب الأعيان ، وإن كان التنجس يحصل بفعل العباد عرفنا أن عين الطاهر لا يصير نجسا وقد قررنا هذا الفصل في كتاب الصلاة ، فإن
باعه ولم يبين عيبه فالمشتري بالخيار إذا علم به لتمكن الخلل في مقصوده حين ظهر أنه محرم الأكل
وإن دبغ به الجلد فعليه أن يغسله ليزول بالغسل ما على الجلد من أثر النجاسة وما يشرب فيه فهو عفو