وكذلك
الوديعة تكون له عند الرجل ، فإنه ينفق منها عليهم إذا كان الرجل مقرا الوديعة والزوجية أو يكون ذلك معلوما للقاضي عندنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : رحمه الله لا ينفق منها عليهم ; لأن إقرار المودع ليس بحجة على الغيب ، وهو ليس بخصم عن الغائب ، ولا يقضى على الغائب إذا لم يكن عنه خصم حاضر ، ولكنا نقول : المودع
[ ص: 41 ] مقر بأن في يده ملك الغائب ، وأن للزوجة والولد حق الإنفاق منه ، وإقرار الإنسان فيما في يده معتبر فينتصب هو خصما باعتبار يده فيتعدى القضاء منه إلى المفقود .
وكذلك الدين يكون للمفقود على رجل ، وهو مقر به فهو الوديعة سواء ، والكلام في الدين أظهر ; لأن إقرار المديون يلاقي ملك نفسه ، فإن الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها ، والجواب في الفصلين جميعا استحسان إذا كان مقرا بالنسب والمال ، فإن كان جاحدا لأحدهما لم تسمع البينة عليه من طالب النفقة لأنه إذا كان جاحدا للمال فطالب النفقة لا يثبت الملك في المال لنفسه ، إنما يثبته للمفقود ، حتى إذا ثبت ذلك ترتب عليه ، وهو ليس بخصم عن المفقود ، وإن كان منكرا للزوجية ، فإنما يثبت النكاح على المفقود المودع ، والمديون ليس بخصم عنه في إثبات النكاح عليه . وإن كانت الزوجية والمالية معلومين للقاضي فعلم القاضي بذلك أقوى من إقرار المودع والمديون ، وإن
أعطاهما المديون بغير أمر القاضي لم يبرأ عن الضمان ، وكذلك إن أعطاهما المودع من الوديعة . فهو ضامن ; لأنه دفع مال الغير إلى الغير بغير إذنه ، بخلاف ما إذا دفع بأمر القاضي ، فإن أمر القاضي في حق المفقود معتبر فيما يرجع إلى حفظ ملكه ، وقد بينا أن الإنفاق على الزوجة والولد من حفظ ملكه وحقه عليه ، فيكون أمر القاضي فيه كأمر المفقود ، وإن
طلبت زوجته وولده من القاضي أن ينصب وكيلا يتقاضى دينه ، ويجمع غلاته ، ويؤاجر رقيقه فعلى القاضي ذلك نظرا منه للحاضر والغائب جميعا ، للغائب بحفظ ماله وجمعه ، وللحاضر بوصوله إلى حقه ، وهي النفقة ، وكان للوكيل أن يتقاضى ويقبض ويخاصم من يجحد حقا من عقد يجري بينه وبين الوكيل ; لأن ما وجب بعقده فهو أحق بقبضه ، ألا ترى أنه لو ظهر المفقود كان حق القبض في هذا المال للوكيل الذي باشر سببه ، فأما كل دين كان المفقود تولاه أو نصيب من عقار أو عرض في يدي رجل أو حق من الحقوق ، فإن الوكيل لا يخاصم فيه من جحده ; لأنه ليس بخصم عن المفقود ، إنما هو حافظ لماله فقط ، وحفظه يتحقق فيما وصلت يده إليه ، فأما الخصومة وإقامة البينة فيما لم يكن في يده قط ليس من الحفظ ، فيكون الوكيل كأجنبي آخر إلا أن يكون القاضي قد ولاه ذلك ، ورآه ، وأنفذ الخصومة بينهم فيه فيجوز حينئذ ; لأنه مما اختلف فيه القضاة يعني بهذا القضاء على الغائب بالبينة ، فإنه مختلف فيه بين العلماء رحمهم الله فينفذ قضاء القاضي فيه .