وإذا
قال صاحب الوديعة للمودع : اخبأها في بيتك هذا ، فخبأها في بيت آخر في داره تلك ، فضاعت : فلا ضمان عليه - استحسانا - وفي القياس : هو ضامن ; لأنه خالف أمره نصا ، فهو كما لو قال : اخبأها في دارك هذه ، فخبأها في دار أخرى ; فهلكت . وفي الاستحسان يقول : إنما يعتبر من كلامه ما يكون مفيدا دون ما لا يكون مفيدا .
ألا ترى أنه لو قال : احفظها بيمينك دون يسارك ، أو : انظر إليها بعينك اليمنى دون اليسرى ، لم يعتبر ; لأنه غير مفيد . إذا ثبت هذا فنقول : البيتان في دار واحدة لا يتفاوتان في معنى الحرزية ; لأن الكل حرز واحد .
ألا ترى أن السارق إذا أخرج المتاع من أحد البيتين إلى البيت الآخر ، لم يقطع إذا أخذ قبل أن يخرجه من الحرز ، فأما الداران يتفاوتان في الحرز ، فكان تقييده في الدار مفيدا ; لأن كل دار حرز على حدة .
ألا ترى أنه لو قال له : لا تخرج بها من
الكوفة ، فخرج بها إلى
البصرة كان ضامنا ; لأن التقييد في المصرين مفيد ، فإن انتقل من
الكوفة إلى
البصرة ، أو إلى غيرها لشيء لم يكن له منه بد ، فهلكت : فلا ضمان عليه ; لأن المودع إنما يلتزم شرط المودع بحسب إمكانه .
ألا ترى أنه لو قال : أمسكها بيدك ولا تضعها ليلا ولا نهارا ، فوضعها في بيته ; فهلكت : لم يضمنها ، ; لأن ما شرط عليه ليس في وسعه - باعتبار العادة - فكذلك يسقط اعتبار شرطه .